البلاديوم بين دعم أوروبا ومحركات الطلب.. توقعات متباينة لعام 2026

شهد سعر البلاديوم تراجعًا محدودًا خلال تداولات يوم الجمعة، في محاولة لتثبيت المكاسب بعد موجة صعود قوية شهدتها المعادن النفيسة الأخرى مثل الفضة، التي سجلت مستويات قياسية مؤخرًا.
وتأتي هذه الحركة وسط حالة من عدم اليقين حول سياسات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، التي تظل العامل الأبرز المؤثر على تحركات جميع المعادن الثمينة.
تتأثر أسعار البلاديوم بشكل يومي بعوامل تشمل توقعات أسعار الفائدة الأمريكية، وقوة الدولار، ومستوى شهية المخاطرة لدى المستثمرين.
ومع كون البلاديوم سلعة مسعّرة عالميًا، فإن أي تحولات في هذه المؤشرات تؤثر مباشرة على الطلب والعرض، بينما تحركات الأسواق قصيرة الأجل قد تنجم عن بيانات اقتصادية متأخرة أو غير مكتملة، كما حدث مؤخرًا بسبب إغلاق الحكومة الأمريكية.
أحد أبرز العوامل التي قد تعيد رسم مستقبل الطلب على البلاديوم تمثل في الإشارات الأوروبية الأخيرة بشأن محركات الاحتراق الداخلي. فقد كشفت المفوضية الأوروبية يوم 16 ديسمبر عن احتمال تعديل خطتها الخاصة بحظر بيع سيارات محركات الاحتراق الجديدة بحلول عام 2035.
ويشير المقترح إلى السماح ببيع بعض المركبات غير الكهربائية بالكامل، مع خفض هدف خفض الانبعاثات من 100٪ إلى 90٪ مقارنة بعام 2021، ما قد يطيل عمر السيارات الهجينة والمركبات المزودة بمحركات امتداد المدى.
ويكتسب هذا التغيير أهمية كبيرة بالنسبة للبلاديوم، الذي يُستخدم بشكل رئيسي في المحولات الحفازة للحد من الانبعاثات الضارة في محركات البنزين. ووفق خبراء، فإن تمديد استخدام محركات الاحتراق سيؤخر تآكل قاعدة الطلب على المعدن، مع تعزيز فرص السوق قصيرة ومتوسطة المدى.
على صعيد الإنتاج، تواصل شركة نوريلسك نيكل الروسية — أكبر منتج للبلاديوم عالميًا — إصدار توقعاتها لسوق المعدن.
تشير أحدث تقديراتها إلى توازن السوق لعام 2025 عند استبعاد الطلب الاستثماري، بينما يظهر عجز بنحو 200 ألف أوقية عند احتسابه. لعام 2026، يتوقع أن يكون العجز محدودًا إلى 100 ألف أوقية دون إدراج الطلب الاستثماري.
ويبرز هنا دور الاستثمارات في الصناديق المتداولة، إذ يمكن لتغيرات في هذه المراكز أن تحدث فرقًا ملحوظًا في توازن السوق الصغير والمركز على نحو كبير، مؤثرة بذلك في معنويات المستثمرين وتوقعات الأسعار.
مع نهاية عام 2025، يتجه المحللون لإعادة تقييم سيناريوهات عام 2026، وسط تباين واضح بين:
عوامل داعمة: شح المعروض، تركّز الإنتاج، وتطورات سياسية قد تدعم الطلب على السيارات الهجينة ومحركات الاحتراق الداخلي.
رياح معاكسة: التحول المستمر نحو المركبات الكهربائية بالكامل، ما قد يحد من مكاسب البلاديوم على المدى الطويل.
وفي أبرز التوقعات الصادرة حتى منتصف ديسمبر 2025:
مورغان ستانلي: تتوقع أن يصل سعر البلاديوم إلى 1,325 دولارًا للأوقية خلال 2026.
هيرايوس للمعادن النفيسة: حددت نطاقًا واسعًا للبلاديوم بين 950 و1,500 دولار للأوقية، محذرة من احتمال اتساع الفائض إذا تراجع الطلب على المحولات الحفازة مع نمو المركبات الكهربائية.
يبقى البلاديوم سوقًا حساسًا لأي تعديل في سياسات الاستهلاك أو الإنتاج. وحتى التغييرات الطفيفة في إطار زمني للانتقال إلى السيارات الكهربائية يمكن أن تُحدث تأثيرًا ملموسًا على منحنى الطلب، ما يجعل مراقبة القرارات الأوروبية واستثمارات الصناديق جزءًا أساسيًا من استراتيجية أي مستثمر في هذا المعدن النفيس.




