اقتصاد المغربالأخبار

الاقتصاد غير المهيكل في المغرب: 30% من الناتج المحلي الإجمالي تعيق الحماية الاجتماعية

يُعتبر الاقتصاد غير المهيكل من أبرز العوامل التي تعرقل تحقيق النجاح في ورش الحماية الاجتماعية في المغرب، حيث يُقدر بنحو 30% من الناتج الداخلي الخام ويشمل ما يقارب 60% من إجمالي القوى العاملة.

هذا القطاع الواسع يعكس حجم التحديات التي تواجهها الدولة في إدماج العاملين فيه ضمن منظومة الضمان الاجتماعي، مما يعقد جهود توفير الحماية الاجتماعية لجميع المواطنين.

وفقًا لتقرير صادر عن مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، يُعد انتشار الاقتصاد غير المهيكل أحد العوائق الرئيسية في تعبئة الموارد المالية اللازمة لتمويل مشاريع الحماية الاجتماعية. فغالبية العاملين في هذا القطاع،

كما يشير التقرير، يفتقرون إلى عقود عمل رسمية أو دخل ثابت، مما يجعل من الصعب تحصيل اشتراكاتهم في أنظمة الضمان الاجتماعي. وبالتالي، يُحرم الاقتصاد الوطني من موارد مالية هائلة كان من الممكن أن تساهم في تعزيز النظام الاجتماعي.

فضلاً عن ذلك، يؤدي اتساع حجم القطاع غير المهيكل إلى ضعف الإيرادات الضريبية، ما يفاقم العجز المالي ويهدد استدامة تمويل المشاريع الاجتماعية.

ففي الوقت الذي يلتزم فيه القطاع المهيكل بدفع الضرائب والاشتراكات، هناك فئات واسعة في القطاع غير المهيكل تستفيد من الدعم دون أن تسهم في تمويله، مما يسبب خللاً في التوازن المالي ويزيد الضغط على المالية العمومية.

وفي محاولة لتجاوز هذه الأزمة، أوصى التقرير بضرورة تبني إصلاحات هيكلية تعزز من استدامة منظومة الحماية الاجتماعية.

كما شدد على ضرورة تنويع مصادر التمويل، عبر إشراك القطاع الخاص وإنشاء صناديق استثمارية لدعم التغطية الصحية، بالإضافة إلى تحسين كفاءة تحصيل الاشتراكات الاجتماعية من خلال إصلاحات تشريعية تهدف إلى الحد من التهرب الضريبي.

وأشار التقرير أيضًا إلى أهمية تطوير آليات استهداف المستفيدين من الدعم الاجتماعي المباشر عبر اعتماد قواعد بيانات دقيقة ومعايير أكثر واقعية، لضمان وصول الدعم إلى الفئات الأكثر احتياجًا.

وأوضح أن المعايير الحالية قد تساهم في استبعاد بعض الأسر الفقيرة من الدعم، بينما يُحرم آخرون من مساعدات رغم عدم استحقاقهم لها، مما يؤثر سلبًا على فعالية النظام.

إدماج القطاع غير المهيكل في الاقتصاد الرسمي يعد من أولويات الحكومة لتوسيع قاعدة المساهمين في الحماية الاجتماعية.

وقد اقترح التقرير اعتماد سياسات تحفيزية، مثل تقديم اشتراكات مدعمة أو تسهيلات إدارية، لجذب العاملين في هذا القطاع إلى النظام الرسمي، إضافة إلى تحسين بيئة الأعمال لتشجيع الأنشطة غير المهيكلة على التحول إلى الاقتصاد الرسمي.

كما أكد التقرير على ضرورة الاستثمار في القطاعات ذات القدرة التشغيلية العالية مثل الصناعة، الفلاحة، والتكنولوجيا، إلى جانب دعم ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة، لتعزيز الاقتصاد المهيكل وزيادة الموارد المالية المتاحة لدعم الحماية الاجتماعية.

في الختام، أشار التقرير إلى أن الاستدامة المالية لنظام الحماية الاجتماعية تعتمد بشكل وثيق على تحقيق نمو اقتصادي قوي وخلق فرص عمل مستدامة.

فكلما تحسنت مستويات التشغيل، زادت قاعدة المساهمين في النظام الاجتماعي، مما يقلل من الاعتماد على الدعم المباشر.

وفي هذا السياق، حذر فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، من التأثيرات السلبية للاقتصاد غير المهيكل، مؤكدًا أنه يمثل عائقًا كبيرًا أمام التقدم الاقتصادي والاجتماعي. كما أكدت نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، أن هذا القطاع يحرم الدولة من مداخيل مالية ضخمة، خاصة من الضرائب.

وقد تمت مناقشة هذه المسألة داخل البرلمان، حيث أُشير إلى أن الخسائر السنوية التي تتكبدها خزينة الدولة نتيجة لهذا القطاع تُقدر بحوالي 90 مليار درهم، مما يعوق تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى.

في ظل هذه التحديات، يبقى السؤال قائمًا: هل ستتمكن الحكومة من إيجاد حلول فعالة لإدماج الاقتصاد غير المهيكل في النظام الرسمي، أم ستظل هذه الظاهرة عقبة رئيسية تعيق تحقيق أهداف المغرب في مجال الحماية الاجتماعية الشاملة؟

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى