الاستثمار في الأولويات الوطنية: سر نجاح الشركات المغربية في السوق المالية

تُعد بورصة الدار البيضاء مرآة للاستراتيجيات الاقتصادية الكبرى للمغرب، حيث تبرز ظاهرة متكررة تشير إلى أن الاستثمار في الشركات التي تتوافق أنشطتها بشكل مباشر مع الأوراش والأولويات الوطنية الكبرى يحقق عوائد بورصية استثنائية على المدى المتوسط (3 إلى 5 سنوات).
هذه المنهجية أثبتت فعاليتها مع شركات رائدة مثل “كوسومار”، “مرسى المغرب”، و”أكديطال”. وفي هذا السياق، يتوقع المحللون أن تسير شركة “SGTM”، وهي فاعل رئيسي في قطاع البناء والأشغال العمومية، على نفس المنوال.
وبناء على ذلك، توقع تحليل صادر عن “مركز التجاري للأبحاث” مساراً قوياً لسهم الشركة العامة للأشغال بالمغرب “SGTM” خلال الفترة 2025-2027، مدعوماً بسياسة الاستثمار غير المسبوقة التي يعتمدها المغرب.
واعتبر التحليل أن طرح SGTM في البورصة، يعد ثاني أضخم اكتتاب في تاريخ السوق المالية المغربية، مع عملية اكتتاب بلغت 5 مليارات درهم، وباعتبار الشركة “رائداً وطنيا في قطاع البناء والأشغال العمومية بما يفوق 1000 مشروع هيكلي في رصيدها، وبإيرادات يُنتظر أن تتجاوز 14 مليار درهم سنة 2025.
و في التفاصيل، كان مخطط “المغرب الأخضر” محفّزا لأداء شركة “كوسومار” بحيث أسهم تنفيذ المخطط في تحقيق نتائج إيجابية على سلسلة إنتاج السكر، وأدّى ارتفاع معدل المكننة، وتعميم البذور والدعم الحكومي المخصّص للفلاحين، إلى زيادة مردودية السكر في المساحات المزروعة بـ50 بالمئة، منتقلةً من 8 إلى 12 طن/الهكتار خلال الفترة 2012-2016.
وباعتبارها الفاعل الوطني الأول، استفادت كوسومار بشكل كامل من الآثار الإيجابية لهذا المخطط. فخلال الفترة 2013-2016، تمكنت الشركة من رفع أرباحها بـ 49%، كما حقّق سهمها أداءً بورصياً قوياً بلغ +120%، منتقلاً من 69 درهماً إلى 152 درهماً.
كما رامت “الاستراتيجية الوطنية للموانئ 2030” تعزيز موقع المغرب كقطب لوجستيكي عالمي من خلال إنشاء موانئ حديثة من الجيل الجديد، مثل طنجة المتوسط والناظور غرب المتوسط والداخلة الأطلسي.
وبفضل مكانتها كرائد وطني، أصبحت “مرسى المغرب” فاعلاً رئيسياً في هذه الموانئ العالمية الجديدة، وقد أدى هذا السياق الإيجابي إلى انتقال الشركة إلى مرحلة جديدة من التطور انعكست بوضوح على أدائها في البورصة.
فخلال السنوات الخمس الأخيرة، سجّل سهم مرسى المغرب أداءً مذهلاً بلغ +363%، منتقلاً من 212 درهماً في 2021 إلى 982 درهماً في 2025.
وأخيراً وبعد جائحة كورونا، أصبح قطاع الصحة في المغرب أولوية وطنية كبرى، وشهد انطلاقة جديدة مع تعميم التأمين الإجباري عن المرض (AMO) ليشمل كل المواطنين، إضافة إلى رغبة الدولة في دعم عرض صحي ذي جودة.
في هذا السياق الإيجابي، شرعت شركة “أكديطال” في تنفيذ سياسة استثمارية قوية تهدف إلى توسيع حضورها الجغرافي خلال الفترة 2022-2027. وقد أتاح ذلك آفاقاً واعدة مكّنت سهم الشركة من تحقيق أداء استثنائي بلغ +376% خلال السنوات الثلاث الأخيرة.




