الاحتياطي الفيدرالي بين مطرقة ترامب وسندان الغموض الاقتصادي

في خضم ضبابية اقتصادية متزايدة، يواجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ضغوطًا سياسية متصاعدة، خاصة من الرئيس دونالد ترامب، الذي يواصل انتقاد رئيس الفيدرالي جيروم باول ويدعو بشكل متكرر إلى خفض أسعار الفائدة، رغم تراجعه مؤخرًا عن التلميح بإقالة باول قبل نهاية ولايته في مايو 2026.
ويجتمع أعضاء لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة يومي 6 و7 مايو لتقييم السياسة النقدية، وسط حالة من الترقب والحذر، حيث تشير التوقعات إلى أن البنك المركزي سيبقي على أسعار الفائدة في نطاقها الحالي بين 4.25% و4.5%، في ظل استمرار الغموض بشأن تداعيات سياسات ترامب التجارية، خاصة ملف التعريفات الجمركية الذي لم تظهر آثاره الكاملة بعد.
وزير الخزانة الجديد، سكوت بيسنت، دخل هو الآخر على خط الضغط، داعيًا الفيدرالي إلى خفض الفائدة. أما رجل الأعمال إيلون ماسك، المقرب من ترامب، فاختار مهاجمة البنك من زاوية مختلفة، منتقدًا ما اعتبره “تبذيرًا حكوميًا” في مشروع تجديد مقر الفيدرالي الذي كلف 2.5 مليار دولار.
و في المقابل، يصر جيروم باول على التريث، مؤكدًا في خطاب له منتصف أبريل أن آثار التعريفات قد ترفع التضخم مؤقتًا، ما يستدعي الحذر قبل اتخاذ قرارات تغيير السياسة النقدية. كما أن سوق العمل لا يزال متماسكًا، وهو ما أكده تقرير الوظائف الأخير لشهر أبريل.
العنصر الأكثر إرباكًا في المشهد هو غموض السياسة التجارية الأمريكية، حيث تتفاوض واشنطن مع عدد من الدول لإعادة صياغة اتفاقات التعريفات، مما قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في البيئة الاقتصادية ويجعل اتخاذ قرارات حاسمة أكثر تعقيدًا.
الفيدرالي في مأزق بين نهج الانتظار والترقب وضغوط “ترامب” |
||
المحلل |
|
التوضيح |
“توم بورسيلي” كبير الاقتصاديين لدى “بي جي آي إم” |
|
يرى أن الفيدرالي في وضع حرج للغاية، لأن التضخم أعلى من المستهدف البالغ 2% والتوقعات تظهر ذلك. كما يركز صانعو السياسات لدى البنك بشدة على احتمالية تباطؤ نمو الاقتصاد بسبب التعريفات، وربما تؤدي لتسريحات عمالة مما يدفعهم لخفض الفائدة، وهذا ليس واضحًا حتى الآن. |
“فينسنت راينهارت” كبير الاقتصاديين لدى “بي إن واي” |
|
أوضح قائلاً: هذا هو الفيدرالي الذي سيضطر إلى انتظار الأدلة والتأني في التكيف معها. |
“بريستون موي” الخبير الاقتصادي لدى “إمبلوي أمريكا” |
|
أشار إلى أن إلحاح “ترامب” يُصعب على “باول خفض الفائدة، لأن اتخاذ مثل هذا القرار في أي وقت قريب سيعتبر خضوعًا لتوجيهات البيت الأبيض. |
رغم تراجع النمو في الربع الأول من 2025، يظل التضخم مرتفعًا، حيث بلغ مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي في مارس نسبة 2.6%، وهو ما يُبعد احتمالية الخفض الفوري للفائدة، لكن سيناريو الخفض يبقى مطروحًا، خاصة إذا بدأت البيانات تظهر تراجعًا في سوق العمل أو تأثرًا ملموسًا من سياسات ترامب التجارية.
المرجح أن يستمر الفيدرالي في اتباع نهج الانتظار والمراقبة خلال اجتماع مايو، مع إمكانية التلميح في بيانه أو المؤتمر الصحفي إلى أن خفض الفائدة قد يكون مطروحًا خلال اجتماع يونيو أو بعده، إذا ما استدعت الظروف ذلك.
في ظل هذه الضبابية، يبقى السؤال: هل يستطيع الفيدرالي الصمود أمام ضغوط ترامب حتى نهاية اللعبة؟