اقتصاد المغربالأخبار

الاتفاق المغربي-الأوروبي يتجاوز الجمود القانوني ويطلق العنان لشراكات استثمارية جديدة

أعلنت الأوساط الاقتصادية والدبلوماسية في كل من الرباط وبروكسل عن دخول الاتفاق المعدل بين المغرب والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ، والذي يمثل تتويجاً لمسار طويل من المفاوضات.

هذا الاتفاق، الذي يغطي المنتجات الفلاحية والبحرية القادمة من الأقاليم الجنوبية للمملكة، لم يعد مجرد تعديل تجاري عابر، بل تحوّل إلى ركيزة لشراكة استراتيجية ذات أبعاد سياسية وتنموية عميقة، تتجاوز قيمتها 60 مليار يورو من المبادلات السنوية.

لم يكن التعديل الذي طال البروتوكولين 1 و 4 من اتفاق الشراكة لسنة 1996 مجرد إجراء تقني عابر، بل كان استجابة ضرورية للتحديات القانونية التي فرضتها أحكام محكمة العدل الأوروبية.

فبموجب هذا التعديل، أزالت بروكسل العقبات التي كانت تشترط موافقة “السكان المحليين” لإدراج منتجات الصحراء المغربية، لتصبح بذلك مدن الداخلة والعيون وبوجدور على قدم المساواة مع باقي المناطق المغربية في الولوج إلى السوق الأوروبية، شريطة وضع ملصق يوضح مصدرها.

ويؤكد هذا الإدماج، وفقاً لمسؤولين من الجانبين، على اعتراف ضمني وواقعي بالوحدة الترابية للمملكة، حيث وصف الاتفاق بأنه “قطاعي وعملي، لكنه يحمل بُعداً استراتيجياً وتاريخياً”، مما يضفي ثقلاً سياسياً على العلاقة التجارية.

تتجاوز قيمة المبادلات التجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي سقف 60 مليار يورو سنوياً، ما يجعل من هذا الاتفاق حجر الزاوية في توازن العلاقات بين ضفتي المتوسط. ومن المتوقع أن يكون لهذا التعديل أثر إيجابي كبير على الاقتصاد المغربي.

في هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي، حسن إيدمان، أن “هذا التطور يعزز من تنافسية المنتجات المغربية، ويحفز المستثمرين على تحسين الجودة والتتبع، خاصة في قطاعات الفلاحة والصيد والتحويل الصناعي”.

ويشير إيدمان، في تصريح لجريدة “Finances news hebdo “، إلى أن “تحفيز القيمة المضافة محلياً وخلق فرص شغل مستدامة، يمثلان تحديين رئيسيين لهذه المرحلة” في الأقاليم الجنوبية.

من جهة الاتحاد الأوروبي، يضمن الاتفاق إطاراً قانونياً واضحاً لاستمرار تدفق السلع، ويكرّس المغرب كشريك موثوق ومستقر، وهو ما يعزز سلسلة التوريد الأوروبية ويقوي الشراكة الإقليمية.

ورغم بعض الانتقادات القادمة من مزارعين في جنوب شرق إسبانيا، الذين يخشون المنافسة، فإن المصالح الاستراتيجية العليا للاتحاد رجحت كفة الشراكة.

تمثل الأقاليم الجنوبية في قلب هذا الاتفاق، إذ يوفر لها فرصة ذهبية لجذب الاستثمار الأجنبي وتنمية قطاعاتها الحيوية مثل اللوجستيك والصناعات الغذائية والصيد البحري.

وقد أكدت تقارير أوروبية سابقة، صادرة عن المفوضية الأوروبية وخدمة العمل الخارجي، وجود أثر إيجابي مباشر لهذا النشاط التجاري على ساكنة هذه الأقاليم، من حيث فرص الشغل والإدماج الاقتصادي.

على المستوى الدبلوماسي، يُعتبر الاتفاق تثبيتاً للدينامية التنموية التي تعرفها المنطقة. ووفقاً لتأكيد وزير الخارجية، ناصر بوريطة، فإن “الجنوب المغربي بات يمثل جسراً بين أوروبا وإفريقيا، وبين المحيط الأطلسي وحوض المتوسط”.

هذا الدور المحوري يدعم مشروع “Gateway” الذي تتبناه بروكسيل لتعزيز ربط القارتين عبر المغرب، مما يرسخ مكانة المملكة كـ “محور استراتيجي” في الجغرافيا الاقتصادية العالمية.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى