الاتحاد الأوروبي يكشف عن خطة جديدة لتعزيز التنافسية الاقتصادية وسط التحديات العالمية
أعلن الاتحاد الأوروبي عن خطة طال انتظارها لتحديث النموذج الاقتصادي الأوروبي، بهدف تعزيز التنافسية وسط التقدم السريع في كل من الصين والولايات المتحدة.
وتعد “خارطة الطريق لاستعادة التنافسية” جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى جعل الاتحاد أكثر ملاءمة للأعمال التجارية، وتأتي مع بداية الولاية الثانية لرئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين.
خلال مؤتمر صحفي عرضت فيه الخطة، قالت فون دير لايين: “نحن بحاجة إلى إعادة تشغيل محرك أوروبا الإبداعي”، مؤكدة أن الاتحاد سيظل ملتزماً بأهدافه البيئية الطموحة في خفض الانبعاثات الكربونية، مع التأكيد على ضرورة الحد من التنظيم غير الضروري الذي يعيق الشركات.
وأضافت رئيسة المفوضية الأوروبية: “أريد أن أكون واضحة للغاية: الاتحاد الأوروبي سيظل ثابتاً في مسار تحقيق أهداف الصفقة الخضراء، خاصة الحياد الكربوني بحلول عام 2050. هذه الأهداف لا يمكن التراجع عنها.”
وتأتي هذه التحركات في وقت تواجه فيه أوروبا ضغوطاً من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي هدد بفرض رسوم جمركية على المنتجات الأوروبية، فضلاً عن التحدي الكبير الذي تشكله الصين التي تسارع في التوسع في القطاعات الصناعية والتكنولوجية.
ومع تزايد الانتقادات من الشركات الأوروبية بسبب التنظيمات المتزايدة وتفاقم تكاليف الطاقة، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تنفيذ توصيات قدمها المسؤولان الإيطاليان السابقان إنريكو ليتا وماريو دراغي، بهدف تخفيف العبء التنظيمي وتعزيز الاستثمار في القطاعات الحيوية.
وفي هذا السياق، وعد نائب رئيس المفوضية، ستيفان سيجورنيه، بما وصفه بـ “صدمة تبسيطية” تهدف إلى تقليل العبء الإداري على الشركات، مع ضمان عدم التأثير على الأهداف البيئية. وتضمن الخطة مراجعة عشرات القوانين التي تعيق نمو الشركات، مثل قوانين المسؤولية تجاه المقاولين من الباطن وتقارير الشركات الاجتماعية والبيئية.
من جانب آخر، تتضمن الخطة إنشاء فئة جديدة من الشركات المتوسطة الحجم لتخفيف الأعباء على حوالي 30 ألف شركة. كما ستُحدث تغييرات في النظام القانوني الأوروبي ليتماشى مع احتياجات الشركات المبدعة، خاصة في مجالات الإفلاس والعمل والضرائب.
وفيما يتعلق بتحديات الطاقة، أكدت فون دير لايين على ضرورة تنويع مصادر الطاقة في أوروبا، مشيرة إلى أهمية توسعة استخدام الطاقة النووية، التي كانت محظورة في بروكسل سابقاً.
كما تتضمن الخطة تعزيز الاستثمار في الشبكة الكهربائية لتسهيل النقل والتخزين، بالإضافة إلى دعم إزالة الكربون من الصناعة الأوروبية، مع التركيز على تخضير أكبر 100 موقع صناعي.
أما فيما يخص المواد الخام، يخطط الاتحاد الأوروبي لتعزيز استخراج المعادن النادرة في أوروبا لتقليص الاعتماد على الصين والدول الأخرى.
كما تعهد المفوض بتسهيل إصدار التصاريح للمشاريع التعدينية، التي غالباً ما تواجه معارضة محلية بسبب مخاوف بيئية.
وتستهدف الخطة أيضًا إزالة الحواجز المتبقية في أسواق الاتصالات والطاقة والدفاع، بالإضافة إلى توحيد أسواق رأس المال الأوروبية التي تأثرت بالمصالح الوطنية المتنافسة.
وفي هذا الصدد، وعدت فون دير لايين بإنشاء “اتحاد الادخار والاستثمار الأوروبي” لدعم الشركات الناشئة في أوروبا ومساعدتها على جمع الأموال بشكل أكثر فعالية، لمجاراة منافسيها في الولايات المتحدة.
تُعد هذه الخطة بمثابة خطوة جادة نحو تعزيز التنافسية الأوروبية في وجه التحديات العالمية، وتأكيد التزام الاتحاد الأوروبي بتقديم بيئة أكثر ملاءمة للأعمال والتكنولوجيا، مع الحفاظ على أهدافه البيئية الطموحة.