الاتحاد الأوروبي يقيّد دخول شركات الأجهزة الطبية الصينية لعقود الشراء العامة

في خطوة جديدة لتقليص الاعتماد على الصين وتعزيز مبدأ “المعاملة بالمثل”، قرر الاتحاد الأوروبي فرض قيود صارمة على وصول شركات تصنيع الأجهزة الطبية الصينية إلى عقود الشراء العامة التي تتجاوز قيمتها 5 ملايين يورو (نحو 5.7 ملايين دولار).
ووفقاً لمسؤول أوروبي مطّلع، ستؤدي هذه القيود إلى حرمان الشركات الصينية من نحو 60% من إنفاق الاتحاد الأوروبي في هذا القطاع، ما يعادل قرابة 150 مليار يورو.
كما سيتم وضع حد أقصى لمساهمة المكونات الصينية في العطاءات الفائزة بنسبة لا تتجاوز 50%.
ويُعد هذا الإجراء أول تطبيق فعلي لـ”أداة الشراء الدولية” التي أُقرت في عام 2022، والتي تهدف إلى ضمان وصول عادل ومتبادل لشركات الاتحاد إلى أسواق المشتريات حول العالم، وسط شكاوى متكررة من صعوبة دخول الشركات الأوروبية إلى السوق الصينية.
ووفقاً لبيان المفوضية الأوروبية، فقد تضاعفت صادرات الصين من الأجهزة الطبية إلى دول الاتحاد بين عامي 2015 و2023، ما ساهم في تنامي الفجوة التجارية بين الجانبين.
تأتي هذه القيود في وقت تشهد فيه العلاقات الأوروبية الصينية تصعيداً ملحوظاً، حيث عبّرت عدة دول أوروبية عن استيائها من استمرار الدعم الحكومي الصيني الواسع لشركاتها، إلى جانب مشكلات تتعلق بالطاقة الإنتاجية الزائدة في قطاعات مثل الصلب والرقائق الدقيقة، وضعف الوصول إلى السوق الصينية.
كما انتقدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية، معتبرة أنه تسبب في اختلالات كبيرة لدى اقتصادات مجموعة السبع، واتهمت بكين باستغلال سيطرتها على المعادن النادرة الحيوية في صناعات السيارات والتكنولوجيا.
من جانبها، اعتبرت الحكومة الصينية القيود الأوروبية المرتقبة “إجراءً حمائياً”، متهمة الاتحاد بممارسة “ازدواجية المعايير” تحت شعار المنافسة العادلة.
وجددت رفضها بعد صدور القرار الرسمي يوم الجمعة، وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية غو جياكون قائلاً إن الاتحاد “يتراجع عن مبادئه المعلنة بشأن الانفتاح”.
ورغم القيود، أوضحت المفوضية الأوروبية أن 96% من المناقصات العامة لن تتأثر بالإجراء، نظراً لأن قيمتها لا تتجاوز الحد الأدنى البالغ 5 ملايين يورو، كما لن تشمل القيود مشتريات القطاع الطبي الخاص.
وأكدت المفوضية أنها لا تزال منفتحة على الحلول الدبلوماسية، مشيرة إلى إمكانية تعليق أو إلغاء هذه الإجراءات في حال استجابت بكين وأزالت القيود التي تعيق حالياً وصول الشركات الأوروبية إلى 87% من عقود الأجهزة الطبية في السوق الصينية.
وتزامن صدور القرار مع انتهاء تحقيق أجرته المفوضية، دون أن تقدم الحكومة الصينية حلولاً ملموسة خلال المشاورات التي جرت في الأشهر الماضية.
ومن المقرر أن يُناقش هذا الملف في القمة المرتقبة بين الاتحاد الأوروبي والصين الشهر المقبل، والتي تأتي في الذكرى الخمسين للعلاقات بين الطرفين، في ظل أجواء سياسية وتجارية متوترة قد تلقي بظلالها على مستقبل التعاون الثنائي.