اقتصاد المغربالأسهمبورصة الدار البيضاء

الإمارات تتربع على صدارة المستثمرين الأجانب في بورصة الدار البيضاء

رغم تقلبات الأسواق العالمية وتشديد السياسات النقدية في عدد من الاقتصادات الكبرى، واصلت بورصة الدار البيضاء استقطاب الرساميل الأجنبية، كاشفة عن مزيج لافت من الاستمرارية والتحول في خريطة المستثمرين غير المقيمين.

فقد أظهر التقرير السنوي للهيئة المغربية لسوق الرساميل حول الاستثمارات الأجنبية في الأدوات المالية لسنة 2024 أن السوق المغربية ما تزال تحافظ على جاذبيتها، مع بروز توازنات جديدة بين رؤوس الأموال الخليجية والأوروبية.

وبحسب معطيات التقرير، حافظت الإمارات العربية المتحدة على موقعها كأكبر مستثمر أجنبي غير مقيم في الأسهم المغربية، رغم تسجيل تراجع نسبي في حجم استثماراتها.

فبعد أن بلغت الاستثمارات الإماراتية حوالي 74,76 مليار درهم سنة 2023، أي ما يقارب 44,9% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية، انخفضت في 2024 إلى نحو 72,19 مليار درهم، بحصة 40,3%.

ورغم هذا التراجع، تظل الإمارات اللاعب الأبرز داخل السوق، بما يعكس عمق حضورها الاستراتيجي في الرسملة المغربية.

في المقابل، واصلت فرنسا تعزيز موقعها كثاني أكبر مستثمر أجنبي، مسجلة منحى تصاعديا لافتًا. فقد ارتفعت استثماراتها من 37,24 مليار درهم سنة 2023 إلى 40,77 مليار درهم سنة 2024، لترتفع حصتها إلى 22,8% من الإجمالي، ما يعكس عودة قوية للرساميل الفرنسية نحو الأسهم المغربية، في سياق بحثها عن أسواق مستقرة بعوائد جذابة.

التقرير يكشف أيضًا عن استمرار الهيمنة الأجنبية شبه المطلقة على قطاع الكهرباء، بنسبة بلغت 85,8% من مجموع الاستثمارات، في قطاع يضم فاعلًا واحدًا فقط، ما يسلط الضوء على الطابع الاستراتيجي والحسّاس لهذا المجال داخل السوق.

وعلى مستوى القيمة الإجمالية، ارتفع مجموع الاستثمارات الأجنبية في الأسهم المغربية من 166,45 مليار درهم سنة 2023 إلى 179,22 مليار درهم سنة 2024، مسجلًا نموًا بنسبة 12,3%.

كما بلغت القيمة الإجمالية للأسهم التي يمتلكها الأجانب مع نهاية 2024 حوالي 182 مليار درهم، بزيادة سنوية قدرها 7,8%.

هذا الارتفاع لم يكن منفصلًا عن الأداء القوي لبورصة الدار البيضاء، حيث ساهم صعود أسعار الأسهم وتقدم المؤشر المرجعي بنسبة 22,16% خلال 2024 في تعزيز القيمة السوقية للمحافظ الأجنبية، التي باتت تمثل 24,1% من إجمالي رسملة البورصة.

ومن حيث طبيعة هذه الاستثمارات، يبرز التقرير أن المساهمات الاستراتيجية تشكل العمود الفقري للوجود الأجنبي، إذ تستحوذ على 91% من مجموع الاستثمارات الأجنبية، أي ما يعادل 21,9% من رسملة السوق.

كما يظهر أن الشركات والمؤسسات الأجنبية تهيمن بشكل شبه كامل على هذه المساهمات، بنسبة 99%، بقيمة تناهز 179 مليار درهم، مقابل حضور هامشي للأفراد.

جغرافيًا، يظل المستثمرون القادمون من الشرق الأوسط وأوروبا الأكثر نفوذًا داخل السوق المغربية، بحصة مشتركة تجاوزت 93,1% سنة 2024، أي ما يعادل نحو 169 مليار درهم، رغم تسجيل تراجع طفيف مقارنة بسنة 2023، حين بلغت نسبتهم 95,3%.

أما على مستوى القطاعات الأكثر استقطابًا للتعاملات الأجنبية، فيسجل التقرير تركّزًا واضحًا، حيث استحوذت أربعة قطاعات فقط على حوالي 66% من حجم هذه التعاملات.

ويتصدر القطاع البنكي القائمة بنسبة 31,2%، يليه العقار ومواد البناء (13,3%)، ثم قطاع التوزيع (11,6%)، والاتصالات (9,8%).

وتعكس هذه المعطيات، في مجملها، صورة سوق مالية مغربية لا تزال قادرة على جذب الرساميل الأجنبية طويلة الأمد، مع تحول تدريجي في موازين النفوذ بين المستثمرين، في انتظار ما ستفرزه المرحلة المقبلة من رهانات مرتبطة بالإصلاحات الاقتصادية وأداء الشركات المدرجة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى