الاقتصادية

الأرجنتين تتبنى سياسة التعريفات المتبادلة مع واشنطن

في خطوة قد تعيد رسم ملامح العلاقات التجارية بين أميركا اللاتينية والولايات المتحدة، أعلن الرئيس الأرجنتيني خافيير ميللي عزمه جعل بلاده أول من ينضم إلى خطة التعريفات المتبادلة التي يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب تطبيقها في أبريل المقبل.

جاء هذا الإعلان خلال خطاب حماسي ألقاه ميللي أمام مؤتمر العمل السياسي المحافظ (CPAC) قرب واشنطن، حيث وجد في ترامب حليفًا أيديولوجيًا وشريكًا في رؤيته الاقتصادية الجريئة.

ميللي، المعروف بمواقفه اليمينية المتشددة، تبنّى خطابًا مشابهًا لترامب، منتقدًا ما وصفه بـ “الطبقة السياسية المتسلطة”، ومؤكدًا أن التعريفات المتبادلة تمثل فرصة لاستعادة سيادة الأرجنتين الاقتصادية.

لكن هذه الخطوة تضع البلاد أمام تحديات خطيرة، خاصة أن الاقتصاد الأرجنتيني يعتمد بشكل كبير على تصدير المواد الخام، مثل الصلب والألومنيوم، وهي قطاعات مهددة بتعريفات أميركية قد تصل إلى 25%.

التحالف بين ميللي وترامب لا يقتصر على القضايا التجارية، فالرئيس الأرجنتيني أشاد بسياسات ترامب التقشفية ووصف خططه لخفض الإنفاق الحكومي بأنها “ملهمة”، معلنًا نيته تنفيذ إجراءات مماثلة عبر “منشار سياسي” لتقليص البرامج الحكومية التي يعتبرها عبئًا على الاقتصاد الوطني.

لكن هذا التقارب يتجاوز الجوانب الاقتصادية إلى أبعاد سياسية أوسع، حيث يسعى ميللي إلى تأمين دعم أميركي قوي في مفاوضات الأرجنتين مع صندوق النقد الدولي، بعد اجتماعه مؤخرًا مع المديرة التنفيذية كريستالينا غورغييفا.

تواجه الأرجنتين تضخمًا جامحًا وأزمة ديون خانقة، ما يجعل أي تصعيد تجاري مع القوى الكبرى مخاطرة قد تزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي.

السياسة الرمزية لعبت دورها أيضًا، إذ أهدى ميللي رجل الأعمال إيلون ماسك، المقرب من ترامب، منشارًا خلال المؤتمر، في إشارة إلى حربه ضد “البيروقراطية الحكومية”، في مشهد يعكس فلسفته القائمة على “هدم القديم لبناء الجديد”، حتى لو كان ذلك يعني الاقتراب من الفوضى الاقتصادية.

في ظل هذا المشهد المتشابك، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستنجح هذه الشراكة في تعزيز النفوذ الاقتصادي للأرجنتين، أم أنها ستدفعها نحو عزلة تجارية؟

وهل يمكن لدول أخرى، مثل مصر، استخلاص دروس من هذه التجربة أثناء سعيها لتعزيز صادراتها وسط اضطرابات الأسواق العالمية؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف ما إذا كانت سياسة “المنشار” ستصنع معجزة اقتصادية أم ستقطع طريق الأرجنتين نحو الاستقرار.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى