اقتصاد الفضة: الفرص الاقتصادية وراء تزايد أعداد كبار السن

لطالما ارتبطت الشيخوخة بتحديات اقتصادية كبيرة، مثل زيادة تكاليف الرعاية الصحية وتناقص القوى العاملة. ولكن مع تغير التركيبة الديموغرافية العالمية، أصبح كبار السن يشكلون قوة شرائية ضخمة، مما أفسح المجال لتطور ما يُعرف بـ “اقتصاد الفضة”.
يشير هذا المفهوم إلى الفرص الاقتصادية التي تنشأ من احتياجات كبار السن وقدرتهم على الإنفاق. مع توقعات الأمم المتحدة بزيادة عدد كبار السن من 1.1 مليار في 2023 إلى 2.1 مليار بحلول 2050، أصبحت الحاجة ملحة لإعادة تقييم تأثير هذا التحول الديموغرافي على الأسواق.
بدلاً من أن يُنظر إليهم كعبء، بات كبار السن يمثلون فرصة ذهبية للنمو الاقتصادي، حيث ينفقون تريليونات الدولارات سنويًا على الرعاية الصحية، والتكنولوجيا، والترفيه، والسياحة، وغيرها من القطاعات الاقتصادية الرئيسية. يعكس ذلك تحولًا جذريًا في كيفية النظر إلى هذه الفئة العمرية.
ظهر مصطلح “اقتصاد الفضة” في بداية القرن الواحد والعشرين مع تزايد الوعي بتأثير الشيخوخة السكانية على الاقتصاد العالمي. بدأ هذا المفهوم يكتسب شعبية كبيرة في أوروبا، حيث أدركت الحكومات والشركات أن كبار السن أصبحوا قوة شرائية هامة.
في الوقت الحالي، يصف المصطلح القطاعات والخدمات التي تستهدف هذه الفئة، حيث تحول طول العمر إلى ميزة اجتماعية تركز على تعزيز جودة الحياة بدلاً من مجرد إطالة العمر.
اليوم، يُشرك كبار السن بشكل أكبر في الاقتصاد من خلال العمل لفترات أطول، وريادة الأعمال، والاستثمار في قطاعات متعددة.
و أظهرت الدراسات أن نسبة كبيرة من كبار السن يواصلون العمل بعد التقاعد، سواء بدافع الشغف أو لتحقيق استقلال مالي، مما يجعلهم شريحة استهلاكية مؤثرة تسعى الشركات لتلبية احتياجاتها المتغيرة.
التحديات الصحية المرتبطة بالشيخوخة تمثل فرصة استثمارية ضخمة في قطاع الرعاية الصحية، لا سيما في مجالات مثل أمراض السكري، وأمراض القلب، والزهايمر.
يشهد قطاع طب العيون وسمعيات كبار السن نموًا ملحوظًا، حيث يُتوقع لسوق البصريات التكيفية أن ينمو بمعدل سنوي يصل إلى 31% بين عامي 2024 و2030. كذلك، سوق أجهزة السمع يتوقع أن يصل إلى 34 مليار دولار بحلول 2032، بنمو سنوي قدره 12%.
دول سيكون لديها النسبة الأعلى من كبار السن الذين يصل عمرهم إلى 65 عاماً فأكثر بحلول 2050 |
||
الترتيب |
الدولة |
النسبة |
1 |
الصين |
%40.6 |
2 |
كوريا الجنوبية |
%39.4 |
3 |
اليابان |
%37.5 |
4 |
إيطاليا |
%37.1 |
5 |
إسبانيا |
%36.6 |
6 |
تايوان |
%35.3 |
7 |
اليونان |
%34.8 |
8 |
البرتغال |
%34.5 |
9 |
سنغافورة |
%34.2 |
في قطاع الجمال، أصبح الاهتمام بالصحة والمظهر جزءًا أساسيًا من متطلبات كبار السن، مع توقع أن تصل قيمة هذا السوق إلى 93 مليار دولار بحلول 2027. هذا النمو يعكس تحولًا في كيفية معالجة شيخوخة الجسم وتعزيز النشاط والحيوية.
التكنولوجيا تساهم بشكل كبير في تحسين حياة كبار السن، حيث تقدم حلولًا مبتكرة تلبي احتياجاتهم الصحية والاجتماعية والمالية. الأجهزة القابلة للارتداء، مثل الساعات الذكية، تساهم في مراقبة الصحة واكتشاف الأمراض بشكل مبكر.
كما أن الذكاء الاصطناعي يساهم في تطوير مساعدين افتراضيين لمساعدة كبار السن في المهام اليومية.
سوق العلاج عن بُعد هو أحد المجالات التي شهدت نموًا سريعًا، حيث يُتوقع أن تصل قيمته إلى 225 مليار دولار بحلول 2030. التقنيات الذكية، مثل أجهزة إنترنت الأشياء، تعمل على تحويل المنازل إلى بيئات ذكية، ما يسهم في تحسين الأمان والراحة لكبار السن.
مع تزايد وقت الفراغ، يسعى كبار السن للانخراط في الأنشطة الثقافية والترفيهية. كما يفضلون تجارب السفر المريحة، ما دفع شركات السياحة والفنادق إلى تقديم خدمات تتماشى مع احتياجاتهم الصحية.
وفقًا لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يساهم كبار السن في دعم الاقتصاد المحلي من خلال زيادة الطلب على السفر والترفيه، مما يعزز الاستثمار في البنية التحتية السياحية.
يشهد “اقتصاد الفضة” تحولًا كبيرًا في العالم اليوم، حيث أصبح كبار السن ليسوا مجرد مستهلكين عاديين بل محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي.
من خلال تلبية احتياجاتهم في مجالات مثل الرعاية الصحية، التكنولوجيا، والترفيه، يتاح العديد من الفرص الاستثمارية التي من شأنها أن تعزز الابتكار والنمو. أولئك الذين يدركون هذه الفرص مبكرًا، سيحققون مكاسب اقتصادية هائلة في المستقبل.