اضطرابات الأجواء في الشرق الأوسط تربك حركة الطيران العالمية وترفع التكاليف

تشهد حركة الطيران العالمية اضطرابات متزايدة نتيجة توتر الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط، حيث تحوّلت الأجواء التي كانت تُعد سابقًا معبرًا استراتيجيًا للطيران الدولي إلى منطقة عالية المخاطر، ما دفع العديد من شركات الطيران إلى إعادة النظر في مساراتها التشغيلية وتحمّل تكاليف إضافية، وسط تأثيرات ممتدة من الحرب الروسية الأوكرانية.
منذ اندلاع المواجهات الأخيرة بين إيران وإسرائيل، أُغلقت الأجواء فوق كل من إيران والعراق وسوريا، ما أدى إلى إلغاء أو تحويل أكثر من 3000 رحلة جوية يوميًا في المنطقة.
ونتيجة لذلك، اعتمدت العديد من شركات الطيران طرقًا بديلة عبر أجواء السعودية ومصر، في حين أبقت الأردن ولبنان مجالهما الجوي مفتوحًا، رغم تصنيف المنطقتين كمناطق “عالية الخطورة” من قبل وكالة سلامة الطيران الأوروبية وإدارة الطيران الأمريكية.
اضطرت شركات طيران عالمية، مثل “إير فرانس-كيه إل إم”، “لوفتهانزا”، و”ويز إير”، إلى تعليق رحلاتها أو استخدام مسارات طويلة ومرهقة عبر طرق غير معتادة، مما زاد من نفقاتها التشغيلية بشكل كبير.
وتُعد شركات الطيران في الشرق الأوسط، مثل الخطوط الجوية القطرية وطيران الإمارات، من بين الأكثر تضررًا، نظرًا لاعتمادها الكثيف على الأجواء الإيرانية والعراقية.
التحويل المفاجئ للرحلات تسبب في ضغط إضافي على المراقبين الجويين، خاصة في الأجواء الأوروبية المزدحمة أصلًا، ما يرفع من احتمالية تأخير الرحلات واضطراب الجداول الزمنية.
كما يؤدي تمديد مدة الرحلات إلى تحديات تشغيلية، كالحاجة إلى أطقم إضافية وتكرار أعمال الصيانة نتيجة الاستهلاك المكثف للطائرات.
يشير محللون إلى أن تحويل المسارات يزيد من استهلاك الوقود، الذي يشكّل حوالي 30% من التكاليف التشغيلية لشركات الطيران.
ووفقًا للخبير “دين ميكلسن”، فإن الرحلات بين آسيا وأوروبا أو بين الخليج وأمريكا الشمالية قد تصبح أطول بـ30 إلى 90 دقيقة، ما يرفع أسعار التذاكر بنسبة قد تتراوح بين 7% و15%، خاصة في ذروة موسم السفر الصيفي.
ورغم أن أسعار النفط لا تؤثر على تذاكر السفر بشكل فوري، فإن استمرار إعادة توجيه الرحلات بعيدًا عن مناطق النزاع سيزيد الضغط على ميزانيات الشركات.
بعض الشركات قد تختار تحمل العبء للحفاظ على تنافسيتها، بينما قد تلجأ أخرى إلى تمريره للمستهلك عبر رفع الأسعار.
أعربت شركة “لوفتهانزا” عن مخاوفها من احتمال الاضطرار إلى التوقف للتزود بالوقود أو تبديل الطواقم في حال امتدت مناطق الحظر الجوي، ما قد يؤدي إلى مزيد من التعقيدات.
ومالياً، تراجعت أسهم كبرى شركات الطيران الأمريكية بشكل ملحوظ خلال الفترة الممتدة من 12 إلى 17 يونيو، حيث خسر سهم “جيت بلو” 11.2%، و”يونايتد إيرلاينز” 4.85%، في حين انخفض سهم “دلتا” 3.2% و”أمريكان إيرلاينز” 3.1%.
في ظل هذه التطورات، تجد شركات الطيران نفسها أمام واقع جديد يتطلب تخطيطًا أكثر مرونة وتكلفة، في انتظار عودة الاستقرار إلى واحد من أهم المعابر الجوية في العالم.