استطلاع : 71% من الشركات المغربية تعتمد على التجميع الداخلي و 42% رهينة لـ”إكسل”

في خطوة محورية لتعزيز الشفافية وتحديث المنظومات المالية للشركات المغربية، استضافت بورصة الدار البيضاء عرض النتائج الأولية لأول استطلاع وطني شامل حول ممارسات التجميع المالي في المغرب.
وقد أُجري هذا التشخيص الرائد من قِبل الجمعية المغربية للموطدين الماليين (AMCF) وشمل 51 مجموعة اقتصادية، ليقدم صورة واضحة عن الأوضاع الراهنة والتحديات المستقبلية.
في كلمتها الافتتاحية، أكدت زينب جنوني، المديرة التنفيذية للتنمية ببورصة الدار البيضاء، أن قوة السوق لا تقتصر على التكنولوجيا أو القواعد التنظيمية، بل تُقاس أساسًا بجودة المعلومات المالية المتاحة.
وأشارت إلى أن التجميع المالي، رغم طابعه الفني، يعد ركيزة للشفافية ومصداقية السوق. ولفتت إلى أن تعميم اعتماد المعايير الدولية IFRS والتقارب التدريجي مع المعايير العالمية يعكس تحسناً في هيكلة الاقتصاد وحكامة الشركات، ولكنه يفرض متطلبات أكبر على جميع المصدّرين.
من جانبه، شدد خالد رجي، رئيس الجمعية، على أن التجميع المالي لم يعد مجرد ممارسة تقنية، بل أصبح أداة استراتيجية أساسية، خاصة مع اتساع حجم المجموعات وتزايد متطلبات التقارير غير المالية.
وأوضح أن الهدف من الاستطلاع، الذي ارتكز على 53 سؤالاً ومقابلات نوعية، هو رسم صورة دقيقة للممارسات السائدة، وكشف التحديات، وتحديد احتياجات الكفاءات والأدوات اللازمة لتطوير هذه الوظيفة.
وقدّم كل من أنس راضي وسيهام أكلة، من الجمعية، عرضاً مفصلاً لمنهجية الدراسة والدروس المستخلصة من الميدان.
كشف الاستطلاع عن تفاصيل مهمة تتعلق بالشركات المغربية التي تقوم بعملية التجميع المالي:
حجم المجموعات ونطاق النشاط:
57% من المجموعات متوسطة الحجم (توظف بين 1.000 و10.000 أجير).
النشاط يتركز في المغرب مع توسع تدريجي نحو إفريقيا جنوب الصحراء وأوروبا.
الملكية والإدراج:
40% من هذه المجموعات مملوكة لمؤسسات عمومية.
31% فقط مدرجة في البورصة.
دوافع التجميع المالي:
29% يعتبرون التجميع التزاماً قانونياً أولياً.
الشفافية تجاه المستثمرين تأتي في المرتبة الثانية.
المعايير المحاسبية:
50% تعتمد معايير IFRS الدولية.
48% تعتمد معايير المجلس الوطني للمحاسبة (CNC)، مع وجود ازدواجية في المراجع المحاسبية لدى البعض.
أظهرت الدراسة أن 71% من المجموعات تعتمد التجميع داخلياً لضمان التحكم بالبيانات وحفظ السرية، خاصة في المجموعات العائلية غير المدرجة، بينما تستعين نسبة أقل بخدمات خارجية.
الارتباط الإداري: 67% لديها وحدة مخصصة للتجميع، ترتبط في الغالب بـالمديرية المالية (72%)، ونادراً بالإدارة العامة (5%).
ضعف رأس المال البشري: أغلب أقسام التجميع تضم من موظف إلى ثلاثة موظفين ذوي خبرة محدودة. وكشفت الدراسة عن ندرة في الكفاءات ذات الخبرة الطويلة بسبب الدوران المرتفع وجاذبية الأسواق الخارجية.
تختلف وتيرة إعداد التقارير المجمعة، حيث يقوم 33% بالتجميع الفصلي، و29% نصف السنوي، وتتجاوز مدة إعداد التقارير غالباً 90 يوماً، وهو ما يُعزى إلى اعتماد 69% من المجموعات على العمل اليدوي.
التحول الاستراتيجي: رغم التحديات، هناك مؤشرات إيجابية:
20% تقوم بتجميع البيانات قبل الإقفال.
47% تجري تجميعاً توقعياً، مما يعزز دور الوظيفة كشريك للإدارة العليا.
69% تستخدم الحسابات المجمعة فعلياً في التسيير، ما يدل على تحولها إلى أداة دعم استراتيجي.
الحكامة والعمليات البينية: 25% من المجموعات تفتقر إلى أي توثيق رسمي، وتظل تسوية العمليات البينية غالبًا يدوية (Excel ومراسلات)، مما يؤثر على موثوقية البيانات.
أنظمة المعلومات والتحديات التكنولوجية:
42% تعتمد على Excel كأداة أساسية للتجميع.
67% تعاني من غياب الربط بين نظام التجميع والمحاسبة العامة.
92% من عدم التكامل مع أنظمة التخطيط المالي، مما يحد من قيمة التحليل المالي.
حددت الدراسة أربعة مجالات رئيسية لتعزيز التجميع المالي، تشير إلى أن الوظيفة تتجه لتصبح رافعة تنافسية حقيقية:
نشر أدوات مدمجة للتجميع والتقرير المالي.
تعزيز الحكامة عبر اعتماد دلائل وإجراءات رسمية.
تحسين معالجة العمليات البينية داخل المجموعات.
الاستثمار في تطوير فرق العمل وتعزيز انخراط الإدارات العامة.
إن تبني هذه الأولويات سيعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، ويخرج وظيفة التجميع المالي من الظل لتصبح عنصراً محورياً في جاذبية ومصداقية السوق المالية المغربية.



