الشركاتاقتصاد المغرب

ازدواجية المعايير البيئية..”داسيا” تتخلى عن الديزل في أوروبا وتستمر به في المغرب

في مفارقة لافتة تعكس تباين السياسات التسويقية للشركات المصنعة للسيارات بين الأسواق المتقدمة والناشئة، قررت مجموعة “رونو”، المالكة للعلامة التجارية “داسيا”، وقف تسويق سياراتها التي تعمل بمحركات الديزل في أسواق أوروبا، وذلك امتثالًا للقيود البيئية الصارمة المفروضة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

في المقابل، تواصل الشركة الفرنسية عرض طرازيها الشهيرين “داستر” و”جوغر” بمحركات الديزل في السوق المغربية، مما يثير تساؤلات حول المعايير البيئية المطبقة في المملكة.

يأتي هذا التوجه في الوقت الذي تتبنى فيه أوروبا تشريعات بيئية متزايدة التشدد، تحدد سقوفًا قصوى لانبعاثات الكربون تجبر الشركات على التوجه نحو تكنولوجيا المحركات الهجينة والكهربائية لتجنب العقوبات المالية الباهظة.

وعلى النقيض من ذلك، يبدو أن “رونو” ترى في السوق المغربية بيئة مواتية لاستمرار الاعتماد على محركات الديزل، مرجعة ذلك إلى تفضيل المستهلكين المحليين لهذه المحركات نظرًا لتكلفتها التشغيلية المنخفضة مقارنة بالبنزين والخيارات الهجينة الأكثر تكلفة.

وتُظهر بيانات التسويق استمرار “داسيا” في ترويج طرازات رئيسية مثل “داستر” المجهزة بمحرك ديزل سعة 1.5 لتر يولد قوة 115 حصانًا، و”جوغر” بمحرك dCi بقوة 102 حصان.

وتظل نسب الانبعاثات الصادرة عن هذه المحركات أعلى مقارنة بالجيل الجديد من المحركات التي تعتمدها “داسيا” في أوروبا، مثل محركات الميكرو-هجين 1.2 TCe بقوة 130 حصانًا و1.6 هجين بقوة 140 حصانًا.

وقد أثار هذا التباين في السياسات البيئية قلقًا لدى نشطاء البيئة في المغرب، الذين حذروا من تحول البلاد إلى ما يشبه “سوقًا ثانويًا” أو “حديقة خلفية” يتم فيها تصريف الطرازات القديمة أو الأقل مراعاة للبيئة، خاصة في ظل ما يعانيه المغرب من تداعيات التغير المناخي وتفاقم مشكلة تلوث الهواء في المدن الكبرى.

وانتقد النشطاء ما اعتبروه ازدواجية في المعايير، مؤكدين على ضرورة التزام الشركات العالمية بمعايير بيئية موحدة في جميع الأسواق وعدم التمييز بين الدول المتقدمة والنامية في هذا السياق.

إلى جانب ذلك، يشتكي المستهلكون المغاربة من استمرار ارتفاع أسعار سيارات “داسيا” على الرغم من تصنيعها محليًا في مصانع الشركة المتواجدة في طنجة والقنيطرة.

وكان من المتوقع أن يساهم هذا التصنيع المحلي في خفض التكاليف وبالتالي الأسعار، لتصبح أكثر ملاءمة للقدرة الشرائية للمواطنين.

ومع ذلك، لا يزال اقتناء هذه الطرازات يمثل عبئًا ماليًا إضافيًا على المستهلك المغربي، مما يطرح تساؤلات حول السياسات التسعيرية للشركة في السوق المحلية وعلاقتها بالمعايير البيئية المتباينة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى