الأخبارالاقتصادية

إسبانيا تقلص ساعات العمل الأسبوعية إلى 37,5 ساعة دون المساس بالأجور

أعلنت الحكومة الإسبانية عن قرار استثنائي يقضي بتقليص ساعات العمل الأسبوعية من 40 ساعة إلى 37,5 ساعة، مع الحفاظ على الأجور كاملة، في خطوة وصفها المراقبون بالجريئة والتاريخية، إذ تمثل تحولًا نوعيًا في سوق العمل بإسبانيا، رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

ويأتي القرار ضمن جهود الدولة لتعزيز رفاهية الأجراء وتحقيق توازن أفضل بين الحياة المهنية والشخصية. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن تقليص ساعات العمل لا يقلل الإنتاجية بالضرورة، بل قد يسهم في رفعها نتيجة تحسن رضا العمال وراحتهم النفسية.

رحبت النقابات العمالية بالخطوة، معتبرة إياها مكسبًا للطبقة العاملة، حيث تتيح لهم مزيدًا من الوقت مع العائلات والانخراط في الأنشطة الثقافية والرياضية وتطوير المهارات. كما يتوقع أن تسهم في تحسين الصحة النفسية والجسدية وتقليل الضغط على النظام الصحي الوطني.

في المقابل، أعربت منظمات رجال الأعمال، وخاصة تلك الممثلة للشركات الصغيرة والمتوسطة، عن تخوفها من ارتفاع تكاليف التشغيل أو الحاجة إلى توظيف إضافي لتعويض الساعات المفقودة، مما قد يؤثر على القدرة التنافسية.

لكن الحكومة شددت على أن الإجراء لن يضر بسوق العمل، بل سيحفز الاقتصاد من خلال الحفاظ على الأجور وزيادة الاستهلاك الداخلي.

أظهرت تجارب سابقة في بعض الدول الأوروبية وشركات خاصة أن تقليص ساعات العمل ساهم في رفع الإنتاجية وتقليل الإرهاق. ويرى الخبراء أن إسبانيا قد تصبح نموذجًا مرجعيًا لدول أوروبية أخرى تسعى لتحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية.

ويمثل تقليص ساعات العمل أكثر من مجرد إجراء إداري؛ فهو تحول في فلسفة العمل، حيث لم تعد كمية ساعات العمل وحدها معيارًا للإنتاجية، بل أصبحت الجودة والابتكار ورفاهية الإنسان ركائز أساسية في الاقتصاد الحديث. وإذا نجحت التجربة، فقد تكون بداية مرحلة أوروبية جديدة عنوانها: العمل من أجل العيش الكريم لا من أجل الإرهاق المستمر.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى