إسبانيا تُدرج ضريبة 100% على العقارات المشتراة من غير الأوروبيين
في مسعى جديد لحماية سوق الإسكان المحلي من تدفق المشترين الأجانب، أعلنت إسبانيا عن خطط لفرض ضريبة غير مسبوقة بنسبة 100% على العقارات التي يشتريها المقيمون من خارج الاتحاد الأوروبي.
و يأتي هذا القرار في وقت يشهد فيه سوق الإسكان الإسباني أزمة متفاقمة بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات، لا سيما في مدن مثل برشلونة ومدريد التي تهيمن عليها منصات الإيجار القصير مثل “إير بي إن بي”.
وفي تصريحات صحفية، أكد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أن هذه الضريبة الجديدة “المؤقتة” ضرورية لحل أزمة الإسكان في البلاد.
وقد شهدت المدن الإسبانية الكبرى في السنوات الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الإيجارات، التي لم تستطع أجور السكان المحليين مواكبتها.
بالإضافة إلى ذلك، شهد سوق الإسكان ضغطاً متزايداً بسبب ظاهرة الإفراط في السياحة وارتفاع الإيجارات قصيرة الأجل، حيث أعلن قطاع السياحة في إسبانيا عن استقبال نحو 94 مليون مسافر دولي في عام 2024، مما يعد عاماً قياسياً في تاريخ السياحة الإسبانية.
و قال سانشيز إن المقيمين من خارج الاتحاد الأوروبي اشتروا نحو 27 ألف عقار في 2023، معظمها لم يكن للاستخدام السكني ولكن للاستثمار.
ووفقاً لسجل الملكية الإسباني، تشكل مبيعات العقارات للأجانب نحو 15% من إجمالي السوق العقاري، بما في ذلك مواطنو الاتحاد الأوروبي.
وقال سانشيز إن هذه الضريبة تهدف إلى إعطاء الأولوية للمواطنين الإسبان في الحصول على مساكن، مشيراً إلى أن هذا القرار لن يمنع المشترين الأجانب من شراء العقارات، لكنه قد يجعل هذه العمليات غير مجدية مالياً للبعض منهم.
على الرغم من ذلك، لم يحدد سانشيز موعداً دقيقاً لتطبيق الضريبة أو التفاصيل الدقيقة حول كيفية تنفيذها، مما يترك الأمر مفتوحاً لتوقعات مختلفة حول تأثيرها الفعلي على سوق العقارات.
و تشهد السوق العقارية الإسبانية حالياً ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، حيث سجلت الأسعار ارتفاعاً بنسبة 9% في الأشهر التسعة الأولى من 2024 وفقاً لبيانات هيئة الإحصاء الإسبانية.
كما تضاعفت الأسعار المتوسطة للعقارات خلال العقد الماضي، وهو ما يشير إلى انتعاش ملحوظ بعد الأزمة المالية لعام 2008 التي أدت إلى انهيار القطاع المصرفي والعقاري.
ويؤثر ارتفاع الأسعار على القدرة على تحمل تكاليف السكن، حيث أظهر تقرير صادر عن منصة العقارات “أيدياليستا” أن الإيجارات في مدينتي مدريد وبرشلونة قد ارتفعت بنسبة 25% و33% على التوالي في السنوات الخمس الماضية، مما أثار احتجاجات شعبية في عدة مدن.
بعد جائحة كوفيد-19، شهد الطلب على العقارات الإسبانية من قبل الأجانب ارتفاعاً ملحوظاً، حيث يشير تقرير صادر عن بنك “كايكسا” إلى أن حوالي 20% من العقارات المباعة في إسبانيا في الأشهر الـ12 التي سبقت نهاية الربع الثالث من 2024 كانت مملوكة للأجانب.
حتى الآن، تعد سريلانكا الدولة الوحيدة التي فرضت ضريبة بنسبة 100% على شراء الأجانب للعقارات، وهو ما أدى إلى تراجع الاهتمام الأجنبي قبل أن يتم إلغاء هذه الضريبة بعد عقد من الزمن.
و في دول أخرى، مثل سنغافورة، فتفرض الحكومة ضريبة إضافية بنسبة 15% على شراء الأجانب للعقارات، والتي قد تصل إلى 60% لبعض أنواع العقارات. في حين أن هونغ كونغ تفرض ضريبة دمغة إضافية قدرها 15%، وكندا قامت بتعليق شراء الأجانب العقارات السكنية مؤقتاً وسط سوق محتدم.
من جانبها، تفرض سويسرا قيوداً سنوية على عدد العقارات التي يمكن بيعها للأجانب، في حين تتطلب الدنمارك موافقة الحكومة على شراء الأجانب للعقارات، والتي تُمنح عادةً للمساكن الأساسية أو المشاريع التجارية.
بينما تسعى إسبانيا إلى تحقيق التوازن بين تشجيع الاستثمار الأجنبي وحماية السكان المحليين من تضخم سوق الإسكان، تبقى التساؤلات قائمة حول مدى فعالية الضريبة الجديدة في تقليل الضغط على سوق العقارات الإسباني وتحقيق الاستقرار السكني في البلاد.