الاقتصادية

أوروبا والولايات المتحدة تتنافسان على المعادن الحرجة وإعادة التدوير

تعتمد الصناعات العالمية، من قطاع الطاقة إلى الإلكترونيات، بشكل كبير على العناصر الأرضية النادرة (REEs)، وهي مجموعة تضم 17 معدنًا ضروريًا لصناعة كل شيء بدءًا من بطاريات السيارات الكهربائية والهواتف الذكية وصولًا إلى توربينات الرياح والمحولات الحفزية.

وعلى الرغم من اسمها، فإن هذه العناصر ليست نادرة فعليًا؛ فالسيريوم، على سبيل المثال، أكثر وفرة من الرصاص.

ومع ذلك، يشهد العالم إعادة تدوير ضعيفة لهذه الموارد الحيوية، إذ لا يُعاد تدوير سوى نحو 1% منها بسبب صعوبة استخراجها وفصلها عن المواد الأخرى، وانخفاض تركيزاتها في المنتجات، إلى جانب الكلفة العالية والطرق كثيفة الطاقة المستخدمة في المعالجة.

على النقيض، تحقق المعادن الحرجة مثل الألومنيوم والكوبالت معدلات إعادة تدوير مرتفعة، تصل أحيانًا إلى 100%. وأصبح الألومنيوم المعاد تدويره أحد أكثر المواد قيمة في أوروبا، حيث يركز الاتحاد الأوروبي على الاحتفاظ بالمزيد من المواد القابلة لإعادة التدوير داخل القارة.

ووفقًا لمفوض التجارة الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش، تصدّر أوروبا أكثر من مليون طن متري سنويًا من خردة الألومنيوم، وهو رقم مرتفع للغاية، إذ بلغت صادراتها مستوى قياسيًا عند 1.26 مليون طن في 2024.

ويعزى ارتفاع صادرات الخردة الأوروبية إلى زيادة الرسوم الجمركية الأميركية على الألومنيوم الأولي، بينما تُعفى الخردة من هذه الرسوم، ما دفع جزءًا كبيرًا من الصادرات—بنسبة تصل إلى 65%—إلى آسيا، مع توجّه الكميات المتبقية إلى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خارج الاتحاد الأوروبي.

وتشير تقديرات شركة Project Blue إلى أن صادرات أوروبا من خردة الألومنيوم إلى الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي نمت بمعدل سنوي يقارب 9% بين 2018 و2024.

ويهدف الاتحاد الأوروبي إلى أن توفر المنتجات المعاد تدويرها 25% من احتياجاته من المعادن الحرجة بحلول 2030، معتمدًا على مزايا إعادة التدوير التي تستهلك 5% فقط من الطاقة اللازمة لإنتاج الألومنيوم الأولي.

غير أن ارتفاع تكاليف الطاقة أدى إلى إغلاق العديد من مصاهر الألومنيوم الأولي في أوروبا، ما تسبب بنقص في الخردة نتيجة زيادة الصادرات، وأدى إلى تعطّل نحو 15% من الطاقة الإنتاجية لأفران إعادة التدوير.

ولا تُعتبر كل أنواع الخردة متساوية القيمة. فخردة الألومنيوم عالية النقاء، مثل عبوات المشروبات المستعملة، مطلوبة بشدة، ويطالب الاتحاد الأوروبي بحظر تصديرها. بالمقابل، تُعد أصناف الخردة المختلطة، الناتجة عن المركبات أو الأجهزة المعقدة، صعبة ومعقدة في المعالجة، لذلك يتم السماح بتصديرها.

إمكانات إعادة تدوير المعادن الحرجة والعناصر الأرضية النادرة هائلة، إذ تشير الدراسات إلى إمكانية رفع معدلات إعادة تدوير العناصر الأرضية النادرة إلى 20–40% إذا ما حسنت معدلات جمع البطاريات والمصابيح والمغناطيس.

وقد يصل ذلك إلى نحو نصف الإنتاج السنوي للولايات المتحدة. ويقول سيمون جاويت، أستاذ علوم الأرض بجامعة نيفادا لاس فيغاس، إن اعتماد تقنيات مبتكرة على نطاق واسع في المركبات الكهربائية يمكن أن يزيد هذه النسبة إلى أكثر من 40%.

مع ذلك، لا تزال إعادة تدوير هذه المواد تحديًا كبيرًا، إذ تختلف محتويات الأجهزة الإلكترونية من عنصر نادر إلى آخر، ولا تُدير الشركات المصنّعة غالبًا عمليات إعادة التدوير، ما يقلل من فعالية الجمع والمعالجة.

وهنا، قد تستفيد الولايات المتحدة من تجربة الاتحاد الأوروبي، الذي يُلزم المصنعين بتمويل أو تنفيذ عمليات إعادة التدوير، ويوفر للمستهلكين خدمات جمع مجانية للأجهزة القديمة وفق توجيه إدارة نفايات المعدات الكهربائية والإلكترونية (WEEE).

في نهاية المطاف، قد يكون العامل الحاسم هو الإرادة السياسية. فإجراءات التصاريح في الولايات المتحدة طويلة ومعقدة، وتستغرق أحيانًا عقودًا، مقارنة بعامين فقط في أستراليا وكندا، ما يشكل عائقًا أمام شركات التعدين الأميركية في مواجهة منافسة الصين.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى