أسواق السندات تحت الضغط..ارتفاع العوائد والذهب يحلق مع مخاوف عالمية

تشهد الأسواق العالمية للسندات، التي كانت تعد ملاذًا آمنًا للمستثمرين، موجة بيعية غير مسبوقة دفعت عوائد السندات طويلة الأجل إلى مستويات مرتفعة، وسط تحديات مزدوجة تواجه الاقتصادات الكبرى: إدارة الديون المتراكمة وتحفيز النمو دون إشعال التضخم، إلى جانب المخاوف المتعلقة باستقلالية الاحتياطي الفيدرالي في ظل الضغوط السياسية.
بدأت موجة القلق الأسبوع الماضي بعد عمليات بيع مكثفة للسندات الفرنسية إثر الدعوة للتصويت على الثقة بالحكومة في الثامن من سبتمبر، ما أثار مخاوف من فراغ سياسي محتمل.
وفي المملكة المتحدة، ارتفعت تكاليف الاقتراض طويل الأجل لأعلى مستوى لها منذ 27 عامًا، مع سعي حكومة حزب العمال لسد فجوة مالية تتراوح بين 20 و25 مليار جنيه إسترليني ضمن موازنة الخريف المقبلة.
في ألمانيا، أثرت خطط زيادة الإنفاق العسكري سلبًا على سندات الحكومة، بينما تواجه اليابان ضغوطًا سياسية بعد خسارة الحزب الحاكم في انتخابات يوليو، مما يثير مخاوف من احتمال تنحي رئيس الوزراء “شيغيرو إيشيبا”.
برزت المخاوف أيضًا حول العجز الأمريكي بعد قرار محكمة بشأن عدم قانونية معظم التعريفات الجمركية التي فرضها “ترامب”، ما يهدد مليارات الدولارات من الإيرادات المحتملة، ويزيد حالة عدم اليقين بشأن استقلالية الفيدرالي، خاصة بعد إقالة “ليزا كوك”.
وصل العائد على السندات الأمريكية لأجل 30 عامًا إلى 5% لأول مرة منذ يوليو، فيما سجلت السندات اليابانية أعلى مستوياتها عند 3.29%، وحققت السندات الأسترالية لأجل عشر سنوات أعلى مستوى لها خلال شهرين.
وسط هذه المخاوف، ارتفع الذهب إلى مستويات قياسية تجاوزت 3600 دولار للأوقية، مدعومًا بتوقعات خفض الفائدة الأمريكية، إذ يُعد المعدن النفيس ملاذًا آمنًا عند انخفاض أسعار الفائدة.
ماذا يحدث في سوق السندات العالمية؟ |
||
المحلل/الجهة |
|
التوضيح |
“ميتول كويتشا” رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي للأسواق الناشئة لدى “باركليز”
|
|
إنها عاصفة من المخاوف بشأن تحول السياسات المالية الحالية إلى سياسات تضخمية، مع احتمالية زيادة الإصدارات العالمية من الديون، وعدم كفاية الطلب. |
“سيمون فرينش” رئيس قسم الأبحاث لدى “بانمور ليبيرم” |
|
ترتفع العوائد طويلة الأجل حول العالم وسط تحول هيكلي في الطلب، وفي المملكة المتحدة يطالب المستثمرون بتعويضات عالية من أجل الاحتفاظ بالديون البريطانية. وأضاف أنه في حين أن ارتفاع علاوة المخاطرة طويلة الأجل – وهو العائد الإضافي الذي يطلبه المستثمرون مقابل مخاطر حيازة أدوات الدين طويل المدى – يعد سمة بمعظم أسواق السندات العالمية حاليا، إلا أن الوضع حرج بالمملكة المتحدة. |
“ماركوس جينينغز” الخبير الاستراتيجي في أسواق الدخل الثابت لدى شركة إدارة الأصول “شرودرز” |
|
أثارت التقارير الأخيرة حول الزيادة المحتملة في الضرائب البريطانية في موازنة الخريف قلق مستثمري السندات. وأضاف أن السياسات المحتملة تبرز مدى صعوبة الوضع المالي في المملكة المتحدة. |
“أليسيا غارسيا- هيريرو” المسؤولة لدى البنك الفرنسي “ناتيكسيس”
|
|
أصبحت الأصول السيادية أكثر خطورة نظرًا لقلة الحواجز التي يضعها السياسيون وحاجتهم لزيادة عجز الموازنة وخفض الفائدة. |
و يُنتظر تقرير الوظائف الأمريكي لشهر غشت ، المقرر صدوره يوم الجمعة، ليكون مؤشرًا حاسمًا على وضع سوق العمل في ظل التعريفات الجمركية، وسيؤثر بشكل مباشر على قرارات الفائدة التي سيتخذها الاحتياطي الفيدرالي في وقت لاحق هذا الشهر.
وصرح “فاسو مينون” من بنك “أو سي بي سي” بأن أي قراءة منخفضة بشكل كبير عن توقعات السوق (التي تشير لإضافة 75 ألف وظيفة) قد تؤدي إلى تراجع طفيف في عوائد السندات طويلة الأجل، على أن تبقى البيانات المرتبطة بالتضخم في الحادي عشر من سبتمبر مفتاحًا لتحديد المسار المستقبلي.
كما بدأ سبتمبر بحالة من الترقب والقلق في الأسواق المالية، مع ارتفاع عوائد السندات الحكومية وتدهور التوقعات، وسط متغيرات سياسية وقضائية في الولايات المتحدة وأوروبا، وهو ما عزز الإقبال على الذهب كمأمن استراتيجي، بينما يترقب المستثمرون بيانات الوظائف الأمريكية لاتخاذ قراراتهم بشأن الاستثمارات والسياسات النقدية.