أسعار النحاس تتراجع بعد ذروة قياسية بفعل تعريفة ترامب… والتجار يواجهون فخ التخزين المكلف

سجّلت أسعار النحاس تراجعًا في تعاملات يوم الجمعة، وسط ارتفاع الدولار الأميركي وتوجه المستثمرين نحو جني الأرباح، بعد قفزات حادة غذّاها إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة على واردات النحاس.
وأثار إعلان ترامب، الذي كشف عن نية فرض تعريفة جمركية بنسبة 50%، موجة شراء واسعة دفعت بأسعار النحاس في السوق الأميركية إلى مستويات غير مسبوقة.
إذ بلغ سعر المعدن في بورصة “كومكس” 5.6820 دولار للرطل (ما يعادل 12,526 دولارًا للطن المتري)، متجاوزًا بفارق كبير السعر العالمي المعتمد في بورصة لندن للمعادن (LME)، الذي لم يتجاوز 9,600 دولار للطن.
لكن محللين حذروا من أن هذه الارتفاعات قد لا تدوم طويلاً. فمع تخزين كميات ضخمة من النحاس من قِبل المتعاملين تحسبًا للتعريفة، يتوقع أن تبدأ الأسعار في التراجع خلال الأشهر المقبلة مع تدفق هذه المخزونات إلى السوق.
يرى توم برايس، المحلل في شركة Panmure Liberum، أن تأثير الرسوم سيكون مؤقتًا، قائلاً: “بمجرد زوال الصدمة الأولية للقرار، ستتراجع الأسعار في السوق الأميركية لتتقارب من جديد مع المعدلات العالمية، خاصة في ظل ضعف الطلب المحلي.”
ويتوقع برايس أن يتراجع استهلاك الولايات المتحدة من النحاس بنسبة 16% هذا العام، ليصل إلى 1.32 مليون طن فقط، مرجعًا ذلك إلى حالة الغموض التي خلقتها السياسة التجارية الجديدة، وتباطؤ النشاط في قطاع التصنيع الأميركي.
تكشف بيانات مجمّعة من شركة Macquarie أن واردات النحاس إلى الولايات المتحدة في النصف الأول من 2025 بلغت حوالي 881,000 طن، في حين لم يتجاوز الطلب الفعلي 441,000 طن، ما أدى إلى تراكم فائض يُقدّر بـ440,000 طن.
من هذه الكميات، تم تخزين 107,000 طن في مستودعات بورصة “كومكس”، بينما توزعت الكمية المتبقية في مواقع غير معلنة أو ضمن سلاسل الإمداد الصناعية.
وبحلول 7 يوليو، وصلت مخزونات “كومكس” إلى نحو 201,203 طن متري، أي بزيادة تفوق 135% منذ نهاية مارس، بالتوازي مع تراجع مخزونات بورصة لندن بنسبة 66% لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ غشت 2023.
يشير دنكان هوبز، مدير الأبحاث في شركة Concord Resources، إلى أن إعادة تصدير النحاس المُخزَّن في الولايات المتحدة ممكن، لكنها تعتمد على الحوافز المالية، خاصة انخفاض العلاوة السعرية على النحاس الأميركي، والتي ما زالت مرتفعة.
وتزيد تعقيدات التصدير بالنسبة للكميات التي خضعت للجمارك داخل مستودعات “كومكس”، مقارنةً بالنحاس المخزن في مناطق التجارة الحرة، التي تُتيح مرونة أكبر في إعادة الشحن للأسواق الخارجية.
من العوامل التي قد تدفع الأسعار إلى التراجع أيضًا احتمال استثناء دول مصدّرة رئيسية من الرسوم الجمركية. وتشير التقديرات إلى أن تشيلي، التي تمثل 70% من واردات النحاس الأميركية، قد تحصل على إعفاء كامل أو جزئي، نظراً لعلاقاتها التجارية المتميزة مع واشنطن.
ويتوقع خبراء في Citi أن تشمل هذه الاستثناءات كلاً من كندا وتشيلي والمكسيك، مع إمكانية خفض التعريفة إلى 25% فقط لهذه الدول، ما سيضغط على الفارق السعري بين السوق الأميركية والعالمية.
وجد العديد من المتعاملين أنفسهم عالقين مع كميات ضخمة من النحاس تم شراؤها بأسعار مرتفعة قبل دخول الرسوم حيّز التنفيذ.
وقد يصبح تصريف هذه المخزونات أمراً صعباً، ما لم تستمر السوق الأميركية في تقديم علاوة سعرية مغرية.
في الأسواق:
-
مؤشر الدولار ارتفع بنسبة 0.2% إلى 97.8 نقطة بحلول الساعة 16:07 بتوقيت غرينتش، في أعلى مستوى له منذ أسابيع.
-
عقود النحاس الآجلة (تسليم شتنبر) ارتفعت بنسبة 0.9% إلى 5.54 دولار للرطل في تمام الساعة 15:55 بتوقيت غرينتش، رغم الضغوط العامة التي تواجه السوق.
في المحصلة، تبدو سوق النحاس الأميركية في حالة اختلال مؤقت، مدفوعة بالسياسة أكثر من الأساسيات الاقتصادية. ومع تكدس المخزونات وتراجع الطلب، قد يشهد السوق تصحيحًا مؤلمًا للتجار المتفائلين.