أسبوع العمل القصير: فرصة للتوازن أم تحدٍ للتعليم؟

في ظل بحث المؤسسات عن طرق مبتكرة لتعزيز رفاهية الموظفين وزيادة الإنتاجية، برزت فكرة العمل لمدة أربعة أيام أسبوعيًا مع الحفاظ على الرواتب، كخيار عملي لتقليل التوتر النفسي وتحسين التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، وخفض معدلات الغياب.
وأظهرت التجارب الدولية أن هذا النظام يمكن أن يعزز الصحة النفسية للعمال ويزيد من رضاهم الوظيفي دون التأثير سلبًا على أداء المؤسسات.
على الرغم من نجاح التجربة في العديد من القطاعات، لا يزال التعليم متأخرًا عن بقية القطاعات فيما يتعلق بتطبيق نظام العمل المرن.
فمهنة التدريس من أكثر المهن إرهاقًا، إذ يواجه المعلمون ضغوطًا مستمرة من الإجهاد والاحتراق الوظيفي، ما يزيد من نقص الكوادر التعليمية. يضاف إلى ذلك الطبيعة الثابتة لجداول المدارس والحاجة للإشراف المباشر على الطلاب، مما يجعل تطبيق نظام الأربعة أيام أكثر تعقيدًا.
أثبتت تجربة مدارس “إندبندنس” في ولاية ميزوري الأمريكية نجاح النظام، إذ ارتفعت طلبات التوظيف بنسبة تجاوزت 360%، وفقًا لتقرير “إن بي آر” المحلي، وساهمت في استقطاب كفاءات تعليمية جديدة. وفي كولورادو، أظهرت دراسة أن طلاب الصف الرابع في المناطق الريفية حققوا نتائج أفضل في اختبارات القراءة عند اعتماد النظام الجديد.
تجارب مختلفة لنظام الدراسة 4 أيام فقط أسبوعيًا
الدولة أو الولاية | التجربة |
ولاية تكساس الأمريكية | ارتفع عدد المدارس التي تبنت نظام الأسبوع الدراسي لأربعة أيام إلى 506 مدارس في العام الدراسي 2024-2025 من 30 مدرسة في 2020-2021، وذلك بقيادة المدارس الريفية الصغيرة التي تعاني من نقص حاد في عدد المعلمين حيث تختار عادة إلغاء يومي الإثنين والجمعة لمنح الموظفين والطلاب عطلة نهاية أسبوع مطولة. ولتعويض يوم الدراسة الخامس، تضيف المدارس ساعات دراسية في الأيام الأربعة، وفي بعض الحالات يستمر المعلمون في العمل خمسة أيام أسبوعيًا لكن يحضر الطلاب إلى المدرسة 4 أيام فقط. ويخصص يوم واحد أسبوعيًا للتخطيط والتقييم والتطوير المهني، وهي المهام التي يضطر المعلمون في العديد من المدارس العاملة بالأنظمة التقليدية إلى القيام بها مساءً بعد انتهاء ساعات الدوام أو خلال العطلات. |
فرنسا | في ثمانينيات القرن الماضي، بدأت فرنسا تطبيق الأسبوع الدراسي المكون من 4 أيام للمرة الأولى نظرًا لاحتياج الأطفال للاستراحة في منتصف الأسبوع، وفي إصلاح تعليمي أجري عام 2013 أضافت فرنسا نصف يوم دراسي آخر، لكن حاليًا عادت أغلب مدارس البلاد لنظام الأربعة أيام، لكن هناك اقتراح بتوفير خيار آخر لأسبوع دراسي من خمسة أيام. تم تصميم اليوم الدراسي في فرنسا والذي يمتد لسبع ساعات ليراعي ظروف الآباء العاملين، إلا أنه لا يوفر للأطفال وقتًا كافيًا للعب، وأن المدارس لا توفر الكثير من الأنشطة اللامنهجية المنظمة مثل الفرق الموسيقية أو المسرحية أو الرياضية التي يستمتع بها الطلاب في أمريكا مثلاً. لكن أظهرت الأبحاث أنه على الرغم من أن الأطفال في فرنسا يقضون وقتًا أطول في المدارس مقارنة بنظرائهم في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلا أن فرنسا احتلت المرتبة السادسة والعشرين من بين 81 دولة في برنامج التقييم الدولي للطلاب ” PISA” لعام 2022. ويرجع بعض المراقبين تدني المستوى الأكاديمي في فرنسا إلى نظام العطلات المدرسية السخي الذي يشمل إجازة مدتها أسبوعين بعد كل 8 أسابيع، وعطلة صيفية مدتها شهرين. |
أسكتلندا | وسط مخاوف متزايدة بشأن توافر المعلمين ورفاهيتهم، اقترحت اسكتلندا مؤخرًا فكرة أسبوع عمل مدته أربعة أيام للمدارس، والذي لا يقلل ساعات عمل المعلمين الإجمالية بل يعيد توزيعها. |
لكن النتائج لم تكن موحدة؛ ففي ولاية أوريغون، ساعد نظام الأربعة أيام على خفض معدلات التسرب من المدارس الثانوية، لكنه أدى في الوقت نفسه إلى زيادة الغياب بين طلاب الصفوف من التاسع إلى الثاني عشر، ما يسلط الضوء على التحديات المرتبطة بتطبيق النظام على مستويات مختلفة من التعليم.

قياس نجاح نظام الأسبوع القصير يعتمد على مجموعة من المؤشرات، من بينها معدلات الغياب، واستقرار المعلمين في وظائفهم، ونتائج الطلاب قبل وبعد التطبيق.
كما يتطلب نجاحه توفير كادر تعليمي كافٍ، وموارد داعمة، وتغييرًا في ممارسات القيادة والثقافة المدرسية لضمان استدامة هذا التحول نحو بيئة تعليمية أكثر مرونة.




