أزمة المياه تدفع المغرب لإعادة هيكلة سياسات الدعم الزراعي وتعزيز مشاريع التحلية

أمام التحديات المناخية المتفاقمة وشح الموارد المائية، تتجه الحكومة المغربية إلى ترشيد استهلاك المياه من خلال مراجعة سياسات الدعم الزراعي وإعادة توجيه الاستثمارات نحو بدائل أكثر استدامة، لاسيما مع تزايد الانتقادات الموجهة لبعض الزراعات التي تستنزف المياه مثل الأفوكا والبطيخ الأحمر.
في هذا السياق، أكد وزير التجهيز والماء، نزار بركة، أن السلطات اتخذت تدابير ملموسة لتقليص الأثر المائي لهذه الزراعات، مشيراً إلى أن زراعة الأفوكا أصبحت تقتصر على مناطق تتوفر على موارد مائية كافية، خاصة منطقة الغرب، كما تقرر وقف الدعم العمومي الموجه لها.
وأوضح بركة، خلال ندوة نظمتها صحيفة “ميديا 24” الفرنكفونية، أن طبيعة الاقتصاد الليبرالي في المغرب لا تسمح بفرض نوع معين من الزراعات على الفلاحين، غير أن الحكومة تعتمد آلية التحفيز أو التحييد المالي عبر الدعم الموجه.
وأضاف أن هناك حالات استثنائية تستدعي تدخلاً مباشراً، كما حدث في طاطا حيث تم توقيف زراعة البطيخ، مع تقليص رقعة هذه الزراعة بنسبة 75% في منطقة زاكورة.
وأشار الوزير إلى أن الحكومة وضعت خريطة دقيقة لحاجيات الزراعات من المياه، وبدأت بالتنسيق مع وزارة الفلاحة في احتساب تكلفة الماء، خصوصاً بالنسبة للزراعات التي ستُروى بمياه محلاة، وذلك بهدف تعزيز استدامة الموارد المائية.
وفي سياق متصل، كشف بركة عن تحسن ملحوظ في نسبة ملء السدود، التي بلغت 39.23% إلى حدود 11 يونيو 2025، مقابل 31.12% خلال نفس الفترة من السنة الماضية، أي ما يعادل 6.57 مليارات متر مكعب.
وسجل حوض سبو أكبر واردات مائية بـ1.33 مليار متر مكعب منذ بداية الموسم في سبتمبر 2024، بزيادة 14%، رغم أنه لا يزال يعاني من عجز بنسبة 67.9%.
وعلى النقيض، سجل حوض تانسيفت أقل نسبة واردات مائية بـ86.7 مليون متر مكعب، بانخفاض 12.3% عن العام الماضي، و75% دون المعدل الطبيعي، ما يجعله من أكثر الأحواض تضرراً بفعل الجفاف المتكرر.
أما حوض أم الربيع، فسجل 747.2 مليون متر مكعب من الواردات، بزيادة 16%، لكنها لا تزال أقل بـ74.2% من المعدل الطبيعي. وسجل حوض ملوية بدوره تحسناً بنسبة 85.9% مقارنة بالسنة الماضية، رغم استمرار العجز بـ46%.
وبالنسبة لنسب الملء، فقد تصدر حوض أبي رقراق-الشاوية بنسبة 64.8%، متبوعاً باللوكوس بـ59.51%، ثم حوض سبو بـ52.26%، فيما بلغت النسب 51.03% في تانسيفت و41.57% في ملوية.
وأكد الوزير أن المملكة نجحت، رغم هذه التحديات، في تلبية حاجيات المواطنين من الماء الشروب بفضل الاعتماد على محطات تحلية مياه البحر، وتعزيز الربط بين الأحواض المائية، واستغلال المياه الجوفية.
وفي هذا الإطار، كشف بركة عن وجود 17 محطة لتحلية المياه تعمل حالياً بطاقة إنتاجية سنوية تقدر بـ320.3 مليون متر مكعب، بالإضافة إلى أربعة مشاريع قيد الإنجاز تشمل محطتي الدار البيضاء والداخلة، وتوسعة محطتي الجرف الأصفر وآسفي. كما تمت برمجة تسع محطات إضافية لتلبية الطلب المتزايد على الماء خلال السنوات المقبلة.