واشنطن تدخل عالم أشباه الموصلات: هل إنقاذ إنتل خطوة محفوفة بالمخاطر؟

في مشهد يعكس تصاعد التوترات التكنولوجية العالمية، دخلت الحكومة الأمريكية مجددًا على خط الشركات الكبرى، هذه المرة عبر ضخ نحو 9 مليارات دولار في شركة “إنتل” مقابل الحصول على حصة تقارب 10% من أسهمها.
تأتي هذه الخطوة في سياق استراتيجية واشنطن لتعزيز مكانتها في سوق أشباه الموصلات، لكنها تثير تساؤلات عن مدى تأثير التدخل الحكومي على استقلالية الشركة وأعمالها على الصعيد الدولي.
تشمل الصفقة تحويل منح حكومية حصلت عليها “إنتل” بموجب “قانون الرقائق” إلى حصة ملكية، بما في ذلك 5.7 مليار دولار لم تُصرف بعد، و3.2 مليار دولار مرتبطة بمشاريع الأمن القومي.
ويواجه مجلس إدارة الشركة تحديًا كبيرًا في تقييم التداعيات المالية والضريبية والمحاسبية للصفقة، خصوصًا في ظل تراجع الإيرادات وخسارة بعض حصتها في سباق الذكاء الاصطناعي أمام المنافسين.
حوالي 76% من إيرادات “إنتل” في العام المالي 2024 جاءت من خارج الولايات المتحدة، ما يثير مخاوف من تأثير ارتباط الشركة بسياسات الحكومة الأمريكية على مبيعاتها الدولية.
كما حذرت “إنتل” من احتمالية ردود فعل سلبية من المستثمرين والموظفين والعملاء والموردين، إضافة إلى زيادة التدقيق السياسي أو دعاوى قضائية قد ترتبط بالصفقة.
تاريخ التدخل الحكومي في الشركات الخاصة مليء بالتجارب المتباينة؛ ففي حين فشلت شركة الطاقة الشمسية “سوليندرا” رغم الدعم الحكومي الكبير، نجحت “تسلا” لتصبح واحدة من أكبر الشركات الأمريكية من حيث القيمة السوقية.
وتوضح هذه الأمثلة أن التمويل الحكومي لا يضمن النجاح وحده، بل يعتمد على قدرة الشركات على إدارة المخاطر والاستفادة من الدعم بشكل استراتيجي.
تشير تحليلات الخبراء إلى أن الشركات التي تدخل الدولة في ملكيتها أو استراتيجيتها غالبًا ما تواجه قيودًا على قراراتها التشغيلية. بحسب نيل مينوو، رئيسة مجلس إدارة “فاليو إيدج أدفايزرز”، هذه القيود قد تحد من قدرة الشركة على الابتكار والمنافسة في أسواق عالمية متغيرة وسريعة التطور.
رغم المخاطر، يرى بعض المحللين أن تدخل الحكومة الأمريكية كان خطوة ضرورية لضمان استمرار “إنتل” في سباق أشباه الموصلات العالمي، مستشهدين بدور الحكومة التايوانية كمساهم رئيسي في شركة “تي إس إم سي” عبر صندوقها السيادي كنموذج عالمي مشابه.
يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن “إنتل” من الموازنة بين الدعم المالي الضخم والمخاطر المرتبطة بالتدخل السياسي؟
فبينما يوفر الاستحواذ الحكومي دفعة قوية لمواجهة المنافسين والتحديات التقنية، تبرز تساؤلات حول مدى استقلالية الشركة وقدرتها على اتخاذ قرارات استراتيجية بحرية دون قيود خارجية، وهو ما قد يحدد مستقبلها في سوق أشباه الموصلات العالمي.