هبوط الخصوبة العالمية.. نحو خريطة ديمغرافية جديدة وتحديات مستقبلية

يشهد العالم تراجعًا مستمرًا في معدلات الخصوبة، حيث بلغ متوسط عدد المواليد لكل امرأة 2.25 مولودًا عام 2024، مسجلًا انخفاضًا بنسبة 6.2٪ مقارنة بعام 2019.

هذا التراجع لا يعكس الواقع ذاته في جميع الدول، إذ تكشف البيانات عن تفاوتات كبيرة، ما يرسم خريطة ديمغرافية عالمية جديدة ويثير تساؤلات حول مستقبل القوى العاملة، شيخوخة السكان، والاستقرار الاقتصادي العالمي.

منذ خمسينيات القرن الماضي، انخفضت معدلات الخصوبة بشكل ملحوظ على مستوى العالم. في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، تراجع متوسط عدد الأطفال لكل امرأة من 5.8 في عام 1950 إلى حوالي 1.8 في 2025. وفي أفريقيا، القارة التي تمتلك أعلى معدلات خصوبة تاريخيًا، انخفضت من 6.5 مولود إلى 4 مولود لكل امرأة.

يشير معدل الإحلال إلى عدد الأطفال الذي تحتاجه كل امرأة للحفاظ على حجم السكان ثابتًا، ويقدَّر عالميًا بحوالي 2.1 مولود. تسجيل معدلات أقل من هذا الحد يعني احتمال انكماش السكان على المدى الطويل، مما يضع الدول في مواجهة تحديات ديمغرافية واقتصادية كبيرة.

تعاني دول أوروبا وشرق آسيا من خصوبة منخفضة بشكل قياسي، نتيجة عوامل اجتماعية واقتصادية مثل ارتفاع تكلفة المعيشة، تأخر الزواج والإنجاب، ومشاركة النساء الكبيرة في سوق العمل.

استجابة لهذه الظاهرة، تبنت بعض الدول سياسات تحفيزية للإنجاب، تشمل دعمًا ماليًا، تمديد إجازات الأمومة والأبوة، وتوسيع خدمات رعاية الأطفال المدعومة حكوميًا، بهدف مواجهة انخفاض الولادات وحماية النمو السكاني المستقبلي.

على الطرف الآخر، تتصدر دول مثل تشاد (6.03) والصومال (6.01) قائمة أعلى معدلات الخصوبة في العالم، ما يعكس تأثير العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة في إفريقيا.

هذه المعدلات المرتفعة تضع ضغطًا كبيرًا على الموارد والبنية التحتية، لكنها تجعل القارة المحرك الرئيسي للنمو السكاني العالمي في المستقبل.

في الولايات المتحدة، أثار الانخفاض المستمر للخصوبة (1.62 مولود لكل امرأة في 2024) قلقًا لدى صناع القرار، الذين درسوا مقترحات تحفيزية، بما في ذلك تقديم مكافأة مالية لكل أم عند الولادة.

تشير التوقعات إلى أن نصيب النساء تحت سن 25 من مجموع الولادات سينخفض عالميًا، إذ سينخفض في أفريقيا من 41٪ إلى 24٪، وفي أمريكا اللاتينية والكاريبي من 39٪ إلى 17٪، وفي آسيا من 33٪ إلى 16٪.

بحلول عام 2100، تتوقع الأمم المتحدة استمرار انخفاض الخصوبة على النحو التالي:

• أفريقيا: من 4 إلى 2 مولود لكل امرأة

• أوقيانوسيا: من 2.1 إلى 1.7

• آسيا: من 1.9 إلى 1.7

• أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي: من 1.8 إلى 1.6

هذا الانخفاض المتوقع يعكس التحولات الديمغرافية العميقة، ويطرح تحديات رئيسية على الحكومات والمجتمعات في مجال القوى العاملة، الاستقرار الاقتصادي، والضمان الاجتماعي، ما يجعل إدارة المستقبل السكاني ضرورة ملحة على المستوى العالمي.