اقتصاد المغربالأخبار

ميناء طنجة.. نقطة تحوّل لوجستية للبرازيل نحو أسواق أوروبا والخليج

في تحوّل استراتيجي لافت، بدأت كبرى الشركات البرازيلية تعتمد بشكل متزايد على الموانئ المغربية، وعلى رأسها ميناء طنجة المتوسط، كمركز محوري لإعادة شحن بضائعها المتجهة إلى أسواق أوروبا ودول الخليج.

هذه الخطوة لا تهدف فقط إلى خفض التكاليف اللوجستية فحسب، بل تسعى أيضاً لتسريع النقل البحري وتعزيز كفاءة سلاسل الإمداد، مما يقلل من البصمة البيئية للتجارة العابرة للقارات.

هذا التوجه، الذي يمثل نقطة تحوّل في خارطة التجارة الدولية للبرازيل، يأتي بمثابة “حل مبتكر” للتحدي اللوجستي الأبرز الذي يواجه التجارة بين البرازيل والدول العربية، وهو غياب خط شحن بحري مباشر يربط موانئ البرازيل بدول الخليج.

وقد كُشف عن تفاصيل هذه الاستراتيجية الجديدة خلال ندوة حديثة نظمتها الغرفة العربية البرازيلية للتجارة (ABCC).

أوضح خبراء خلال الندوة، التي تناولت اللوجستيات البحرية، أن طبيعة التبادل التجاري غير المتوازنة بين الجانبين هي من أهم العوامل المعقدة. فالبرازيل تُصَدّر بشكل أساسي سلعاً مبردة (مثل اللحوم والدواجن)، بينما تستورد من الدول العربية النفط والأسمدة، مما يصعّب استخدام نفس السفن في رحلتي الذهاب والإياب.

وللتغلب على هذا التحدي، تحولت الشركات العملاقة نحو استغلال موانئ العبور المغربية، حيث يتم تفريغ الحاويات القادمة على “السفن الأم” من البرازيل، ونقلها لاحقاً عبر سفن أصغر حجماً لتتجه نحو وجهاتها النهائية في أوروبا والخليج.

قدّم رودرغو بيستانا، ممثل شركة الشحن العالمية العملاقة “Maersk”، أرقاماً تعكس الكفاءة العالية للمسار الجديد. أشار بيستانا إلى أن حجم التجارة بين البرازيل ودول الخليج قد شهد نمواً بنحو 20% بين عامي 2021 و 2024، لافتاً إلى أن 66% من هذه الصادرات هي “سلع مبردة” حساسة.

كما أكد أن مستوى دقة مواعيد وصول السفن على خط الشحن “سانتوس – طنجة” يصل إلى 86%، وهو رقم يتجاوز بكثير المتوسط العالمي (65%) وحتى المتوسط المحلي في البرازيل (51%)، مما يرسخ مكانة المسار المغربي كمسار موثوق.

من جهته، أكد هيغور غولر، ممثل شركة الأغذية البرازيلية العملاقة “BRF”، وهي من أكبر مصدري المنتجات الحلال، أن شركته تصدّر شهرياً نحو 60 ألف طن من منتجاتها إلى الدول العربية.

وأشار غولر إلى أن الشركة تعتمد بشكل كبير على موانئ العبور لضمان كفاءة عملية التوزيع في ظل التحديات اللوجستية ومحدودية مساحات التخزين.

وتؤكد الأرقام الرسمية الأهمية المتزايدة لهذه الدينامية، حيث بلغت صادرات البرازيل إلى 22 دولة عربية 23.6 مليار دولار في عام 2024. ومع كون النقل البحري يمثل 97% من إجمالي حجم البضائع المتبادلة، يبرز الدور الحيوي والاستراتيجي للموانئ المغربية في دعم وتسهيل هذه التجارة الضخمة.

ورغم النجاح الكبير الذي يحققه اعتماد المغرب كمركز محوري، اعتبر المشاركون في الندوة أن التحديات المتبقية، خاصة فيما يتعلق بحجم الصادرات وتكاليف الشحن، قد تكون “مفتاح” تجاوزها للمضي قدماً نحو إقامة خط شحن بحري مباشر بين البرازيل ودول الخليج في المستقبل.

واختتاماً للندوة، شدد محمد عرّة مراد، الأمين العام للغرفة العربية البرازيلية للتجارة، على الأهمية الاستراتيجية لـ”الموانئ العربية الكبرى”، مثل طنجة وقناة السويس، في توسيع نطاق وصول المنتجات البرازيلية والمساهمة في تحقيق توازن تجاري مستدام بين المنطقة وأكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى