اقتصاد المغربالأخبارالشركات

من رينو إلى تسلا.. المغرب يخطو بثبات نحو عرش الصناعة الكهربائية الإقليمية.

في ظل التحولات الكبرى التي يعرفها قطاع السيارات عالمياً، برز المغرب خلال السنوات الأخيرة كأحد أهم الفاعلين الإقليميين، بعدما تحوّل من سوق ناشئة إلى منصة صناعية متكاملة تجمع بين البنية التحتية الحديثة والاستراتيجيات الحكومية الطموحة.

هذا التحول السريع جعل المملكة تتصدر اهتمامات الشركات العالمية التي تبحث عن مواقع إنتاج فعّالة وقريبة من الأسواق الأوروبية.

ووفق تقرير نشره موقع Middle East Monitor، فقد أصبح المغرب لاعبًا أساسيًا في منظومة صناعة السيارات، خصوصًا مع الاهتمام الكبير الذي تبديه شركات رائدة مثل تيسلا، التي تعمل على توسيع حضورها الدولي وتبحث عن قواعد إنتاج تستجيب للمعايير الحداثية وتوفر ميزات لوجستيكية قوية.

وخلال العقد الأخير، نجحت المملكة في استقطاب مجموعات صناعية كبرى، من بينها رونو التي شيدت أحد أضخم مصانعها في طنجة، وستيلانتيس التي ضاعفت اعتمادها على موقع القنيطرة عبر استثمار إضافي بلغ 1.2 مليار يورو لرفع القدرة الإنتاجية.

وقد أسهمت هذه المشاريع في تقوية موقع المغرب داخل سلاسل التوريد الموجهة نحو أوروبا والشرق الأوسط، مما يمنحه أفضلية طبيعية لاستقبال استثمارات تيسلا المستقبلية.

ويرتكز نجاح المغرب في استقطاب هذه الشركات على أكثر من مجرد موقعه الجغرافي، إذ وضعت الدولة منظومة صناعية متطورة تشمل حوافز مالية تصل إلى 35% من قيمة المشاريع التي يتم نقلها نحو المملكة، إلى جانب تبسيط كبير في المساطر الإدارية التي تسمح بإطلاق المشاريع خلال أقل من خمسة أشهر.

وفي هذا الصدد، أكد وزير الصناعة والتجارة رياض مزور أن المغرب لم يكن يصدر أي سيارة قبل خمسة عشر عامًا، بينما أصبح اليوم القطاع الأول من حيث الصادرات، بمساهمة تصل إلى 22% من الناتج الداخلي الخام. كما تجاوزت القدرة الإنتاجية الوطنية 700 ألف سيارة سنويًا، بصادرات تقارب 14 مليار دولار.

وتزامن هذا التطور مع طفرة قوية في قطاع السيارات الكهربائية، إذ يتزايد اهتمام العلامات العالمية بهذه السوق الناشئة. وقد عززت تيسلا حضورها رسميًا عبر تأسيس فرعها “Tesla Morocco” في 27 ماي 2025 برأسمال أولي بلغ 27.5 مليون درهم.

وبدأت الشركة في بناء شبكة من محطات الشحن الفائقة الهجينة في مدن محورية كطنجة والرباط والدار البيضاء، إضافة إلى مواقع استراتيجية أخرى، ما يشكل خطوة حاسمة لدعم البنية التحتية لمستقبل النقل الكهربائي في المملكة.

وسجلت السيارات الكهربائية نموًا غير مسبوق داخل المغرب، حيث وصلت حصتها إلى 3% من إجمالي السوق في النصف الأول من 2025، بزيادة بلغت 176% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

كما حققت علامة BYD طفرة تصدرت المشهد بنمو قدره 407%، بينما ارتفعت مبيعات سيتروين وداسيا بنسب 95.9% و113% على التوالي.

ويرى محللون أن هذه الدينامية القوية، إضافة إلى السياسات الحكومية الداعمة للانتقال الطاقي، تعزز فرص المغرب في أن يتحول إلى مركز إقليمي لصناعة السيارات الكهربائية يخدم إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا. وفي ظل هذا الزخم، تبدو تيسلا متأهبة لاستغلال مكانة المملكة المتنامية وتوسيع شبكتها قبل منافسيها في سوق يتطور بوتيرة لافتة.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى