معركة التوصيل تبدأ…”كول” تهدد هيمنة “غلوفو” باستراتيجية جديدة ومنافسة شرسة

وسط مشهد تنافسي لم يسبق له مثيل، يشهد سوق توصيل الطعام في المغرب تحولات جذرية مع ظهور لاعب جديد يهدد بشكل مباشر هيمنة شركة “غلوفو” الإسبانية. إنها شركة “كول” الناشئة، التي لا تكتفي فقط بمجرد المنافسة، بل تسعى بجدية لانتزاع عرش “غلوفو” مستفيدة من التمويل الضخم والتغيرات الأخيرة في القطاع.

هذا الصراع يتزامن مع فترة عصيبة لـ”غلوفو”، التي خرجت لتوها من مواجهة قانونية مع مجلس المنافسة . فبعد تحقيق استمر لعدة أشهر، أُجبرت الشركة على مراجعة سياساتها التي كانت تفرض عمولات باهظة على شركائها تصل إلى 30%.

وفي يوليو الماضي، انتهى التحقيق باتفاق تسوية يفرض عليها قيودًا صارمة، منها تحديد سقف للعمولة لا يتجاوز 30% وإلغاء شروط الحصرية. هذا التعديل الإجباري فتح الباب على مصراعيه لمنافسين جدد يمكنهم تقديم نموذج عمل أكثر جاذبية.

وهنا يأتي دور “كول”. فبعد حصولها على تمويل ضخم بقيمة 7.5 مليون دولار، أعلنت الشركة عن استراتيجية جريئة تهدف إلى “دمقرطة توصيل الطعام”.

يعتمد نموذجها التجاري على فرض عمولة لا تتجاوز 10%، وهو ما يمثل تحديًا مباشرًا لـ”غلوفو”. يقول عمر العلمي، مؤسس الشركة: “نستهدف سوقًا ضخمة تضم ستة ملايين مستخدم محتمل، ونحن عازمون على أن نكون الخيار الأول لهم.”

و لا تزال “كول” في مرحلة النمو، لكن أرقامها واعدة. فقد بلغ عدد مستخدميها النشطين 12 ألفًا في غشت الماضي، وتغطي حاليًا ست مدن رئيسية. وتخطط الشركة لتحقيق نمو شهري يتراوح بين 15% و30%، مؤكدة أنها ستركز جهودها بالكامل على السوق المغربي قبل التفكير في أي توسع إقليمي.

من جانبها، تدرك “غلوفو” حجم المنافسة الجديدة. وفي تصريح صحفي ، يرى المدير العام لـ”غلوفو المغرب”، حمزة نصيري بناني، أن دخول لاعبين جدد أمر إيجابي لأنه يساهم في “تثقيف السوق وتوسيع العرض”.

ومع ذلك، يشدد على أن “توصيل الطعام ليس بالأمر السهل”، مؤكداً على تعقيدات القطاع التي تتطلب تحقيق توازن دقيق بين المطاعم وعمال التوصيل والزبائن.

يُذكر أن قطاع توصيل الطعام في المغرب قد شهد تغييرات جذرية مؤخراً، أبرزها خروج شركة “جوميا فود” في دجنبر 2023.

هذا الانسحاب، الذي كان سببه ارتفاع التكاليف والمنافسة الشرسة، أتاح لـ”غلوفو” فرصة لتعزيز هيمنتها مؤقتًا. لكن يبدو أن هذا الوضع لن يدوم طويلاً، مع ظهور “كول” كلاعب جديد يمتلك التمويل الكافي والاستراتيجية الواضحة لخلق منافسة حقيقية قد تغير قواعد اللعبة في السوق المغربي.

فهل ستنجح “كول” في تحقيق هدفها وكسر هيمنة “غلوفو”؟ وهل ستشهد الأيام القادمة المزيد من التغيرات في هذا القطاع الحيوي؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة.