محكمة إيطالية تلغي قيوداً على استحواذ يوني كريديت مع الإبقاء على شرط الخروج من روسيا

أصدرت محكمة إيطالية حكماً قضائياً يقضي بإلغاء عدد من الشروط التي فرضتها الحكومة الإيطالية للموافقة على عرض بنك يوني كريديت (UniCredit) للاستحواذ على بانكو بي بي إم (Banco BPM)، لكنها أبقت على شرط جوهري يتعلّق بإنهاء أنشطة “يوني كريديت” في روسيا—a مطلب قد يشكّل عقبة رئيسية أمام إتمام الصفقة.
نُشر قرار المحكمة يوم السبت، لكنه لم يبدّد الغموض المحيط بالصفقة التي بدأ الحديث عنها منذ نوفمبر الماضي، حين أعلن “يوني كريديت” نيّته تقديم عرض للاستحواذ، قبل أن يُطلق العرض الرسمي في أبريل، مما أشعل مواجهة سياسية مباشرة مع الحكومة الإيطالية المحافظة، التي رأت في الصفقة تهديداً لـ”الأمن القومي”.
ورغم إلغاء بعض الشروط، يظل تنفيذ المطلب المتعلق بإنهاء العمليات في روسيا نقطة شائكة، إذ يُعدّ تحدياً مالياً واستراتيجياً كبيراً للبنك الذي يتخذ من ميلانو مقراً له، في ظل ارتباطات استثمارية قائمة في السوق الروسية.
قال متحدث باسم البنك إن الحكومة الإيطالية ستكون مضطرة لإصدار مرسوم قانوني جديد عقب حكم المحكمة. وأضاف أن “يوني كريديت” يواصل تقييم الوضع القانوني والسياسي، وسيُقرر خطواته التالية بناءً على تطور الأحداث.
من جانبه، صرّح الرئيس التنفيذي للبنك، أندريا أورسيل، أن “إلغاء بعض شروط الحكومة لا يضمن تلقائياً المضي قدمًا في الصفقة”، مشيرًا إلى أن القرار القضائي لا يعالج بالكامل المخاوف الأساسية لدى البنك.
و يُعد عرض “يوني كريديت” جزءًا من موجة اندماجات مالية يشهدها القطاع المصرفي الأوروبي مؤخرًا، حيث تتدخل الحكومات بشكل مباشر في صفقات الدمج.
وعلى غرار ما حدث في إسبانيا عندما واجه عرض بنك BBVA للاستحواذ على “ساباديل” معارضة شديدة من الحكومة، تتبنى الدول الأوروبية موقفًا حذرًا تجاه تركيز النفوذ المالي في كيانات مصرفية كبرى، معتبرة ذلك تهديدًا للسيادة الاقتصادية.
كما يواجه “يوني كريديت” مقاومة سياسية في ألمانيا بسبب استثماراته في بنك “كومرتس بنك”، ما يعكس تشددًا حكوميًا متزايدًا في ملفات الدمج المصرفي العابرة للحدود.
اعتمدت الحكومة الإيطالية في رفضها الأصلي للصفقة على “اعتبارات تتعلق بالأمن القومي”، في إشارة إلى ما تعتبره خطرًا من فقدان السيطرة على أحد أكبر البنوك الوطنية.
ويأتي هذا ضمن اتجاه أوروبي متزايد لتوسيع تدخل الدولة في العمليات المالية الحساسة، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية العالمية.
على الرغم من أن الحكم القضائي يمثّل انفراجة جزئية لـ”يوني كريديت”، فإن الإبقاء على شرط الخروج من روسيا يُبقي مستقبل الصفقة مع “بانكو بي بي إم” في مهب الريح.
وفي ظل تصاعد الدور الحكومي في توجيه مسار الاندماجات، يبدو أن البنوك الأوروبية باتت مطالبة ليس فقط بإقناع الأسواق، بل أيضًا بكسب ثقة الحكومات.