قطاع التجميل بين جاذبية الاستحواذ والتحديات الهيكلية العميقة

رغم الزخم الذي توفره صفقات الاندماج والاستحواذ في قطاع التجميل، إلا أن هذه التحركات تبقى حلولًا تكتيكية قصيرة الأمد لا تعالج المشكلات الجوهرية التي يعاني منها هذا القطاع، بحسب محللي “إيفركور ISI”.
ففي ظل تقلب الطلب وتغير سلوك المستهلكين، بالإضافة إلى التحولات الجذرية في قنوات التوزيع، تعاني أسهم شركات التجميل من تراجع كبير في التقييمات، حيث تتداول حاليًا عند أدنى مستوياتها النسبية منذ 15 عامًا مقارنة بمؤشر S&P 500 وقطاع السلع الاستهلاكية الأساسية.
التحولات الاقتصادية الكلية، إلى جانب التغيرات الكبيرة في منظومة التوزيع داخل أسواق رئيسية كأميركا والصين، أضعفت استقرار القطاع رغم مرونة الطلب.
ففي الولايات المتحدة، سجل السوق انتعاشًا بنسبة 4% في الربع الثاني، بينما أظهر مهرجان “6.18” الصيني عبر الإنترنت عودة الطلب على العلامات التجارية الفاخرة بعد فترة من الفتور.
لكن التحدي الأكبر يكمن في التغيرات الهيكلية داخل قنوات البيع. فقد أدت منصات مثل Amazon في أمريكا وDouyin في الصين إلى إعادة تشكيل خريطة التوزيع، مع تقليص الحواجز أمام العلامات الجديدة وتسريع تداول المنتجات الرائجة ذات العمر القصير.
هذا المشهد أدى إلى تفتت السوق، مما أعاق استراتيجيات الاستحواذ التي غالبًا ما تفشل في الحفاظ على مسارات نمو مستدامة.
ويتوقع “إيفركور ISI” أن تستمر التجارة الإلكترونية في التوسع، وقد تكتسب ما يصل إلى 20 نقطة مئوية إضافية من الحصة السوقية، وهو ما يشكل ضغطًا على العلامات التجارية التقليدية التي تعتمد على المتاجر الكبرى والصيدليات، ويجبرها على استثمارات مكلفة في نماذج متعددة القنوات تؤدي في كثير من الأحيان إلى تراجع الأداء في المتاجر الفعلية.
وقد انعكست هذه التحديات على شركات بارزة مثل Estée Lauder، التي شهدت تراجعًا في ربحية قطاع المكياج، حيث لم تحقق المبيعات الرقمية النمو المرجو، بل ساهمت في إضعاف كفاءة العمليات.
في ظل هذا الواقع، قد يصبح تقليص المحفظة خطوة ضرورية، حيث يمكن أن يؤدي التخلي عن العلامات الضعيفة إلى إطلاق قيمة كامنة لدى شركات مثل Coty وEstée Lauder من خلال تعزيز التركيز والمرونة.
وتُعد عمليات الاستحواذ الأخيرة التي قامت بها شركات مثل ELF Beauty وChurch&Dwight دروسًا عملية، تُظهر في آنٍ معًا الفرص الاستراتيجية والمخاطر المرتبطة بالاستثمار في قطاعات متخصصة.
لكن ورغم هذا الحراك، يحذر المحللون من الاعتماد المفرط على صفقات الاستحواذ كحل سحري، مؤكدين أن التحدي الحقيقي يكمن في بناء علامات تجارية قوية وخلق ربحية طويلة الأمد، وهي الأسس الضرورية لتعافي قطاع التجميل واستدامة نموه.