قروض متعثرة تتجاوز 100 مليار درهم… إنذار صامت يضغط على الأسر والبنوك

تدق مؤشرات القطاع البنكي المغربي ناقوس الخطر مع تسجيل ارتفاع لافت في حجم القروض غير المسددة، التي تجاوزت عتبة 100 مليار درهم مع نهاية شهر أكتوبر الماضي، في تطور يعكس تصاعد الضغوط المالية على الأسر والمقاولات على حد سواء.
هذا المستوى يمثل زيادة سنوية بنحو 3,7 في المائة، لترتفع حصة الديون المتعثرة إلى 8,6 في المائة من إجمالي التمويلات البنكية.
ويرى محللون ماليون أن هذا المنحى التصاعدي هو نتيجة مباشرة لتداعيات الأزمة الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا، والتي تسببت في إفلاس عدد من الشركات وفقدان آلاف مناصب الشغل، ما أدى إلى تراجع قدرة شرائح واسعة من المقترضين على الوفاء بالتزاماتهم تجاه البنوك.
ولم تقتصر الأسباب على آثار الجائحة وحدها، إذ ساهم الارتفاع المتواصل في تكاليف المعيشة في دفع العديد من الأسر إلى اللجوء إلى الاقتراض لتأمين حاجياتها الأساسية، في ظل تآكل القدرة الشرائية وضغط المصاريف اليومية.
وتكشف معطيات بنك المغرب عن تسارع واضح في وتيرة مديونية الأسر خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ إجمالي القروض الموجهة لها نحو 427 مليار درهم، تشكل القروض البنكية حوالي 80 في المائة منها.
وتوجه النسبة الأكبر من هذه القروض، أي ما يقارب 62 في المائة، لاقتناء السكن، فيما يتم تخصيص 38 في المائة لتمويل الاستهلاك.
غير أن هذه الدينامية الائتمانية تخفي واقعا مقلقا، إذ يواجه عدد كبير من الأسر صعوبات متزايدة في سداد الأقساط الشهرية.
وتشير البيانات إلى أن أكثر من نصف المستفيدين يقتطعون ما بين 40 و50 في المائة من دخلهم لتسديد القروض، بينما تصل نسبة الاقتطاع إلى ما بين 50 و60 في المائة لدى ربع المقترضين، في حين يخصص ربع آخر ما يصل إلى 60 في المائة من دخله لخدمة الدين.
وعلى مستوى الفئات الاجتماعية، يتصدر الموظفون قائمة الأكثر مديونية بنسبة تبلغ 62 في المائة، يليهم المتقاعدون بنسبة 59 في المائة، ثم أصحاب المهن الحرة بـ58 في المائة، في وقت يبلغ فيه معدل مديونية الأجراء 55 في المائة.
كما تُظهر الأرقام أن الأشخاص الذين تفوق أعمارهم خمسين سنة هم الأكثر تأثرا، بمعدل مديونية يصل إلى 61 في المائة.
وفي السياق ذاته، سجل البنك المركزي ارتفاعا ملموسا في القروض المتعثرة الخاصة بالأسر بنسبة 6,6 في المائة، لتصل إلى 44,5 مليار درهم، أي ما يعادل 10,5 في المائة من إجمالي القروض الممنوحة لهذه الفئة.
وتتصدر قروض الاستهلاك قائمة القروض الأكثر عرضة للتعثر بنسبة 13,9 في المائة، مقابل 8,3 في المائة بالنسبة للقروض العقارية، ما يسلط الضوء على هشاشة التمويلات المرتبطة بالاستهلاك مقارنة بقروض السكن.
ويعيد هذا الوضع إلى الواجهة أسئلة جوهرية حول استدامة نموذج الإقراض الحالي، وقدرة الأسر على تحمل مزيد من الديون في ظل سياق اقتصادي يتسم بارتفاع الأسعار وتباطؤ النمو، ما يفرض على الفاعلين الماليين وصناع القرار البحث عن حلول توازن بين دعم الاستهلاك والحفاظ على الاستقرار المالي.




