اقتصاد المغربالأخبار

صحيفة إسبانية : ميناء الداخلة.. المشروع العملاق الذي سيغير خريطة التجارة العالمية في المحيط الأطلسي

كشفت وثائق صحفية وتقارير استراتيجية حصلت عليها “أتالايار” الإسبانية، عن تفاصيل المشروع الضخم الذي ينفذه المغرب في أقصى جنوبه، وهو تطوير ميناء الداخلة الأطلسي ليصبح قاطرة تنموية كبرى ومنصة لوجستية دولية تكرر نجاح “طنجة المتوسط” الشهير، ولكن هذه المرة على الساحل الجنوبي للمملكة المطل على المحيط الأطلسي.

ووفقاً للمعلومات الحصرية، فإن هذا المشروع يندرج في صلب “خطة المغرب للموانئ 2030″، وهي الخريطة الطموحة التي تهدف إلى تعزيز مكانة المملكة كمركز لا منازع له في التجارة البحرية الدولية، وخلق دينامية اقتصادية غير مسبوقة في منطقة الصحراء، تربط شمال البلاد بجنوبها وتجعل من المغرب جسراً حيوياً يربط أوروبا بإفريقيا وبقية العالم.

أشارت التقارير إلى أن الميناء، الذي يتخذ شكل جزيرة صناعية فريدة متصلة بالبر عبر جسر بحري، سيكون منصة عصرية متعددة الوسائط وبسعة استيعابية هائلة. ومن المتوقع أن تصل قدرته السنوية الإجمالية إلى 35 مليون طن، تشمل تعاملات متنوعة من الحاويات والبضائع السائبة إلى منتجات الصيد ومكونات مشاريع الطاقة المتجددة الواعدة في المنطقة.

ويُعتبر الميناء أداة استراتيجية بامتياز، لا تقتصر أهدافه على الجانب التجاري فحسب، بل تتعداه إلى تعزيز الروابط البحرية مع دول الساحل الإفريقي، وتشجيع الاستثمارات في مجال الصناعة والخدمات اللوجستية.

وسيدعم الميناء بنية تحتية متكاملة تشمل منطقة لوجستية مجاورة تبلغ مساحتها 65 هكتاراً، ستُخصص لأقطاب متخصصة في الصيد البحري، والخدمات المينائية، والأنشطة الصناعية والتجارية، مما يعزز جاذبية المشروع للمستثمرين من داخل المغرب وخارجه.

بلغت الاستثمارات الإجمالية في هذا الحلم الصناعي البحري حوالي 15 مليار درهم مغربي، في مؤشر على حجم الأهمية التي توليها المملكة لهذا المشروع.

والأكثر إثارة هو وتيرة الإنجاز المتسارعة، حيث أفادت المصادر أن نسبة الإنجاز الإجمالية قد وصلت إلى 46%، مع قرب الانتهاء من مراحل حاسمة مثل إكمال الجسر البحري والحوضين الثاني والثالث.

وتتوقع الأوساط الاقتصادية أن يكون الميناء جاهزاً لاستقبال أولى بواخره التجارية بحلول نهاية عام 2026، أي قبل الموعد المحدد سابقاً في عام 2027.

وقد صُمم الميناء بتقنيات حديثة، حيث يضم أرصفة عميقة تتراوح أعماقها بين 12 و16 متراً لاستقبال سفن الحمولات الكبيرة، وتمتد على مسافة 2.7 كيلومتر، محمية بحواجز أمواج بطول إجمالي يصل إلى 7.5 كيلومترات، مما يضمن عمليات آمنة وسلسة على مدار السنة.

الهدف الاستراتيجي الأوسع، كما يبدو جلياً من خلال هذا المشروع، هو “إعادة إنتاج” نموذج النجاح الباهر لميناء طنجة المتوسط – الذي أصبح من أكبر الموانئ في منطقة البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا – ولكن هذه المرة في الجنوب. يهدف المغرب من خلال ذلك إلى تحقيق عدة أبعاد:

  1. تنمية اقتصادية محلية وإقليمية: تحويل منطقة الداخلة إلى محور اقتصادي وقطب لوجستي يجذب الاستثمارات ويخلق فرص عمل ويدفع بعجلة التنمية في الأقاليم الجنوبية.

  2. تكامل الشبكة اللوجستية الوطنية: ربط الميناء بشبكة الطرق السريعة، وأبرزها الطريق السريع تيزنيت-الداخلة، ودمجه مع النقل الجوي الإقليمي عبر مطار الداخلة، لإنشاء شبكة نقل متعددة الوسائط فائقة الكفاءة.

  3. تعزيز الموقع الجيوستراتيجي: ترسيخ دور المغرب كلاعب رئيسي لا غنى عنه في طرق التجارة البحرية عبر المحيط الأطلسي، وجعله بوابة رئيسية لأوروبا نحو إفريقيا وغربها.

باختصار، فإن ميناء الداخلة الأطلسي ليس مجرد منشأة بحرية جديدة، بل هو مشروع حضاري تنموي شمولي، يضع المغرب على أعتاب مرحلة جديدة من التأثير الاقتصادي والاستراتيجي، ويؤكد عزم المملكة على تحويل موقعها الجغرافي المميز إلى قوة اقتصادية وسياسية دائمة.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى