شبكات مراهنات عالمية تتخذ من سبتة ومليلية منصة انطلاق لغزو السوق المغربية

في تحول مثير يعكس الاستغلال الإقليمي للثغرات القانونية، تحولت مدينتا مليلية وسبتة المحتلتان إلى “قواعد خلفية” رئيسية لشبكات قمار عالمية عملاقة، تسعى لتوسيع نشاطها المالي الضخم في أسواق شمال إفريقيا، وعلى رأسها السوق المغربية.
وتأتي هذه التطورات عبر استثمارات ضخمة تستهدف صناعة المراهنات والألعاب الافتراضية، مستغلة المزايا الإسبانية لتنفيذ أجندة رقمية عابرة للحدود.
مصادر مطلعة من داخل مليلية أكدت أن هذه الشبكات تعتمد على استراتيجيات تسويقية رقمية متطورة لاختراق الفضاء المغربي، مستفيدة بشكل أساسي من الامتيازات القانونية والجبائية التي توفرها السلطات الإسبانية في المدينتين.
يكمن بيت القصيد في النظام الضريبي المخفض بشكل كبير؛ إذ لا يتجاوز الرسم المفروض على هذا النوع من الأنشطة في المدينتين نسبة 10 في المائة فقط، وهو فارق هائل مقارنة بنسبة 25 في المائة المعمول بها في باقي التراب الإسباني.
هذا الفارق حول سبتة ومليلية إلى وجهة مثالية لشركات الرهانات الكبرى، التي نقلت إليها مقراتها الرئيسية، وأقامت فيها مراكز بيانات ومكاتب تشغيل متكاملة وفرق تسويق رقمي مهمتها الأساسية استهداف الجمهور العابر للحدود، وفي القلب منه المستهلك المغربي.
تشير التقارير الميدانية إلى أن المغرب أصبح من أبرز الأسواق المستهدفة، مدفوعاً بالقرب الجغرافي والروابط الثقافية. فآلاف الشباب المغاربة يقعون ضحية حملات دعائية مكثفة عبر منصات التواصل الاجتماعي ومواقع المراهنات الرياضية، يتم فيها الإغراء بـ وعود الثراء السريع.
لكن الواقع الأشد مرارة هو أن هذه الحملات تجرهم نحو خسائر مالية متكررة وإدمان رقمي متصاعد يهدد التماسك الأسري والاجتماعي.
يزيد الأمر خطورة ظهور شبكات موازية وغير قانونية تضم خبراء في البرمجة والتسويق الرقمي وإدارة المشاريع، مهمتها التخصص في جذب المستخدمين المغاربة وتحويلهم إلى زبائن دائمين في دوامة ألعاب الحظ والمقامرة الإلكترونية، كل هذا يتم دون أي إطار قانوني محلي يمكن أن يحميهم.
ورغم أن إسبانيا تعتبر رائدة في تنظيم قطاع القمار، فإن تأثير هذه الرقابة لا يمتد بالفعالية المطلوبة إلى الأسواق الخارجية، ما يجعل المستهلك المغربي هو الحلقة الأضعف في هذه المعادلة الاقتصادية المعقدة.
في ظل هذا الزحف الرقمي الخطر، تتعالى الدعوات في الأوساط الاقتصادية والحقوقية المغربية لضرورة وضع إستراتيجية وطنية عاجلة لمواجهة هذه الظاهرة.
المطالب تدور حول تأسيس نظام رقابة صارمة وتعزيز التعاون الإقليمي، بهدف حماية المستهلكين من خطر التحول التدريجي للألعاب الإلكترونية من مجرد ترفيه إلى وسيلة ممنهجة لاستنزاف القدرة الشرائية وتوسيع رقعة الإدمان داخل المجتمع المغربي.