الاقتصادية

سوق العمل الأمريكي بين الضبابية والتباطؤ: مؤشرات خاصة تكشف واقعًا متباينًا

يشهد سوق العمل في الولايات المتحدة حاليًا حالة من الغموض غير المسبوق، بعد أكثر من 40 يومًا من الإغلاق الحكومي الذي أوقف صدور البيانات الرسمية للتوظيف والبطالة. في ظل هذا الفراغ المعلوماتي، يجد المستثمرون وصناع القرار أنفسهم أمام اقتصاد يتحرك بلا بوصلة واضحة، مع مؤشرات متباينة من القطاع الخاص.

في غياب البيانات الحكومية، حاولت شركات خاصة سد الفراغ، لكن النتائج أظهرت صورة متواضعة لسوق العمل.

فقد سجل القطاع الخاص إضافة 42 ألف وظيفة خلال أكتوبر، وفق بيانات “إيه دي بي”، بعد ثلاثة أشهر من فقدان الوظائف، إلا أن وتيرة التوظيف ما تزال أقل بكثير مقارنة ببداية العام.

تشير البيانات إلى أن الوظائف الجديدة تتركز في قطاعات الخدمات والمرافق والنقل، بينما تتراجع الفرص في المجالات التقنية والمهنية. تقول “بيتسي ستيفنسون”، أستاذة في جامعة ميشيغان، إن الحصول على وظيفة جديدة في بعض القطاعات أصبح أصعب بكثير مقارنة بالعام الماضي.

على النقيض، أظهرت بيانات “تشالنجر جراي آند كريسماس” ارتفاعًا حادًا في إعلانات التسريح، حيث تجاوز عدد الوظائف المعلنة للتسريح 153 ألف وظيفة في أكتوبر، وهو الأسوأ منذ عام 2003. ويرجع ذلك إلى ارتفاع تكاليف التشغيل وخطط إعادة الهيكلة لدى الشركات.

بلغ إجمالي التسريحات منذ بداية العام وحتى نهاية أكتوبر نحو 1.1 مليون وظيفة، وهو أعلى مستوى منذ عام 2020، عندما أعلنت الشركات عن تسريح 2.3 مليون موظف خلال الأشهر العشرة الأولى من العام.

رغم هذه المؤشرات الضعيفة، يؤكد “ديفيد تينسلي”، كبير اقتصاديي معهد “بنك أوف أمريكا”، أن السوق تشهد تباطؤًا، لكنها لم تنهار بعد. ويضيف أن وتيرة التوظيف انخفضت منذ بداية الربيع لكنها ما تزال صامدة نسبيًا.

يرى محللون أن التطورات في الذكاء الاصطناعي تساهم في تقليل الحاجة للعمالة الجديدة. ويقول “جريجوري داكو”، كبير اقتصاديي “إرنست آند يونج بارثينون”، إن الشركات تميل أكثر إلى الاعتماد على الإنتاجية التقنية بدلاً من التوظيف المباشر، وهو اتجاه متوقع أن يستمر في ظل ارتفاع تكاليف التشغيل والرسوم الجمركية.

تشير بيانات موقع “إنديد” إلى تراجع إعلانات الوظائف في أكتوبر إلى أدنى مستوى منذ عام 2021، خصوصًا في الولايات ذات التركيز الكبير للقطاعين الحكومي والتكنولوجي مثل واشنطن وكاليفورنيا. بينما يبقى الطلب قويًا في قطاعات الصحة والهندسة.

أفاد موقع “جلاسدور” أن مؤشر ثقة الموظفين الأمريكيين انخفض في أكتوبر إلى أدنى مستوى منذ يونيو، مع تزايد المخاوف من موجات التسريح وصعوبة الحصول على فرص عمل جديدة.

تشير مؤشرات معهد إدارة التوريد إلى أن الشركات الأمريكية تميل إلى الحفاظ على مستويات التوظيف الحالية أو خفضها بدلًا من زيادتها. فقد بلغ مؤشر التوظيف الفرعي للقطاع الخدمي 48.2 نقطة، والصناعي 46 نقطة، وهما أقل من مستوى 50 نقطة الفاصل بين النمو والانكماش.

مع استمرار الإغلاق الحكومي وتعطل البيانات الرسمية، يظل المشهد في سوق العمل الأمريكي ضبابيًا، حيث تحاول الشركات التكيف مع ضغوط التكاليف والتكنولوجيا، بينما يجد الباحثون عن العمل أنفسهم أمام سوق أكثر ضيقًا وفرص أقل.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى