الاقتصادية

خلف الأرقام المزيفة…هل يمهّد سوق العمل لقرار الفيدرالي المنتظر؟

شهدت الأسواق المالية العالمية مرة أخرى حالة من الاضطراب الحاد. وعلى غرار ما حدث في الثاني من غشت 2024، أثارت بيانات التوظيف الأخيرة مخاوف جديدة بشأن ركود وشيك في الاقتصاد الأمريكي.

فكيف يمكن أن تجبر بيانات سوق العمل، التي تتسم بالتباطؤ والغموض، الاحتياطي الفيدرالي على تغيير مساره نحو خفض الفائدة بشكل أكثر جرأة مما كان متوقعًا؟

لقد فاجأ تقرير الوظائف الأخير الأسواق بواقع نمو شهري أقل بكثير من التوقعات. فقد أضاف الاقتصاد الأمريكي 73 ألف وظيفة فقط في يوليو، وهو رقم لا يتماشى مع التوقعات التي كانت تتجاوز الـ 100 ألف.

وزاد الطين بلة تعديل البيانات الخاصة بشهري مايو ويونيو بشكل كبير نحو الأسفل، ما أثار موجة من الانتقادات الحادة، وصلت ذروتها إلى اتهامات بالتلاعب بالبيانات من قبل مسؤولين سابقين.

تُشير الأرقام الأخيرة إلى ضعف واضح في النشاط الاقتصادي:

  • نمو بطيء في الوظائف: يعكس التراجع الحاد في عدد الوظائف المضافة ضعفًا في وتيرة التوسع الاقتصادي.
  • ارتفاع طفيف للبطالة: ارتفع معدل البطالة إلى 4.2%، وهو ما يُعد ارتفاعًا متوقعًا في ظل هذا التباطؤ.
  • ثبات الأجور: ارتفع متوسط الأجر في الساعة بنسبة 0.3%، ما يشير إلى أن الشركات تحاول الاحتفاظ بالموظفين الحاليين رغم تباطؤ التوظيف.

رغم أن معدل البطالة يبدو مقبولًا، فإنه لا يروي القصة كاملة. فهو لا يشمل الأفراد الذين خرجوا من القوة العاملة وتوقفوا عن البحث عن عمل.

منذ بداية 2025، خرج حوالي 400 ألف شخص من سوق العمل، ليصبح العدد الإجمالي للأشخاص خارج القوى العاملة حوالي 1.5 مليون شخص.

هذا الانسحاب الجماعي هو أمر غير معتاد، ولم يُشاهد إلا في أوقات الأزمات الكبرى، مثل الأزمة المالية العالمية.

ويُعزى هذا التراجع جزئيًا إلى عوامل هيكلية، من بينها مغادرة حوالي 1.65 مليون مهاجر للولايات المتحدة بسبب تشديد قوانين الهجرة، ما يزيد الضغط على الشركات التي تعاني من نقص العمالة.

أظهر اجتماع الفيدرالي الأخير انقسامًا نادرًا، حيث صوت اثنان من أعضاء مجلس المحافظين لصالح خفض أسعار الفائدة، في سابقة لم تحدث منذ عام 1993.

يرى هؤلاء الأعضاء أن نهج الترقب الحالي قد يكون خاطئًا في ظل المخاطر المتزايدة على سوق العمل والاقتصاد ككل.

تراجعت الأسواق الأمريكية والأوروبية بحذر، وانخفضت أسعار الأسهم والنفط، بينما ارتفع الذهب كملاذ آمن. لكن الأهم كان رد فعل سندات الخزانة لأجل عامين، التي تعكس توقعات السوق لأسعار الفائدة.

حيث انخفضت عائداتها بشكل حاد، لتزيد احتمالية خفض الفائدة في سبتمبر من 62% إلى 80%.

على الرغم من دعوات بعض المسؤولين للهدوء والتأكيد على “سلامة” سوق العمل، فإن التوقعات تشير بقوة إلى أن الفيدرالي سيُجبر على التحرك.

مع تزايد احتمالات خفض الفائدة مجددًا في اجتماعات أكتوبر وديسمبر، قد يرتفع إجمالي التخفيضات هذا العام إلى 75 نقطة أساس، وهو ما يتجاوز التوقعات السابقة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى