اقتصاد المغربالأخبار

حمى العوائد تضرب سوق سندات الخزانة المغربية… والطلب يتجاوز الـ 10 مليارات درهم

شهد سوق الدين الحكومي على المدى القصير جولة جديدة من التوتر، ترجمت بارتفاع ملحوظ في أسعار الفائدة، ما دفع بالعائد على السندات لمدة عامين لتسجيل قفزة قياسية خلال آخر جلسات المناقصة.

هذا التصعيد ليس وليد اللحظة، بل يندرج ضمن حركة صعودية مستمرة منذ أسابيع، غذتها عوامل متداخلة أبرزها زيادة وتيرة الاقتراض من الخزانة العامة، وتفاقم الضغوط على السيولة المؤسسية في السوق.

في جلسة المناقصة التي جرت يوم 2 دجنبر، تأكد هذا الاتجاه المقلق. لقد وصل إجمالي الطلب المقدم من المستثمرين إلى 5.42 مليار درهم، وهو رقم يؤكد استمرار شهية السوق رغم توتر الأسعار. لكن الخزانة اكتفت ببيع 3 مليارات درهم فقط، مركزة بشكل حصري على السندات ذات الاستحقاق لمدة عامين.

والأهم، أن نسبة العائد على هذه السندات بلغت 2.577%، مسجلة زيادة قدرها 6.1 نقطة أساس مقارنة بالسعر المرجعي الأخير المعروف، في تأكيد واضح لزيادة كلفة الاقتراض على الحكومة. لم تعرض أي استحقاقات أخرى خلال هذه الجلسة.

سبقت هذه الجلسة، مناقصة 25 نونبر التي عكست التوتر ذاته، حيث بلغ إجمالي الطلب حينها 10.1 مليار درهم، وتم قبول 4 مليارات درهم.

وكان العائد على السندات لمدة عامين قد حُدد عند 2.516%، بزيادة قدرها 4 نقاط أساس، بينما بِيعت السندات ذات استحقاق 26 أسبوعًا حول 2.07%.

وفقاً للمحللين في مجموعة AGR، فإن هذه التطورات تندرج ضمن حركة صعودية شاملة لوحظت منذ قرار بنك المغرب في شتنبر بالتمسك بمعدلات الفائدة الرئيسية دون تغيير.

وتشير بياناتهم إلى أن العائد على السندات لمدة 26 أسبوعًا شهد زيادة بـ 8 نقاط أساس، بينما ارتفع العائد على السندات لمدة عامين بـ 4 نقاط أساس خلال الأسابيع الأخيرة وحدها.

كما سجل منحنى العائد الثانوي زيادات قد تصل إلى 12 نقطة أساس.

يلفت تقرير AGR الانتباه إلى أن هذا التوتر يحدث في ظل عامل ضغط مزدوج:

  1. تسريع وتيرة الاقتراض الحكومي: كثفت الخزانة من عمليات الاقتراض منذ أكتوبر على الأقل، حيث رفعت من أحجامها إلى ما بين 4 و7 مليارات درهم في كل جلسة، في محاولة لتعويض انخفاض معدل التنفيذ الذي سُجّل حتى نهاية سبتمبر.

  2. انخفاض السيولة المؤسسية: تراجعت السيولة المتاحة في السوق بسبب عودة الإصدارات الخاصة النشطة (لا سيما الديون الخاصة وصناديق الاستثمار العقاري)، والتي تمتص جزءاً كبيراً من الموارد التي كانت توجه عادة نحو سندات الخزانة. علاوة على ذلك، يشير AGR إلى أن الطلب على سندات الخزانة تجاوز بانتظام 10 مليارات درهم، بينما كانت المبالغ المباعة أقل بكثير، ما يعكس عدم رغبة الخزانة في القبول بالأسعار الأعلى المطلوبة من السوق.

للوهلة الأولى، يرى مديرو صناديق السندات أن الزيادة الأخيرة في العوائد تبقى في المقام الأول مؤقتة. يربطونها بتعديل السيولة في سوق يظل قادراً على استيعاب وتيرة شهرية بين 10 و15 مليار درهم من الإصدارات الحكومية.

ويتوقعون أن تحدث عملية تطبيع تدريجي للعوائد بمجرد عودة مستويات السيولة إلى وضعها الطبيعي.

ومع ذلك، يُقدّر محللو AGR أن الاتجاه الصعودي قد يستمر حتى نهاية العام الجاري. لكنهم يستبعدون أن يؤثر ذلك على التوقعات الأكثر تفاؤلاً لعام 2025.

ففي العام المقبل، من المتوقع أن يشهد منحنى العوائد انزلاقاً في سياق من تحسن المالية العامة وتدفقات التمويل الخارجي المتوقعة، والتي قد تصل إلى 60 مليار درهم، مما سيخفف الضغط بشكل كبير على احتياجات الخزانة من السوق المحلي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى