تماسك الاحتياطي الفيدرالي بين تثبيت الفائدة وضغوط سوق العمل

شهد الاحتياطي الفيدرالي مؤخرًا موجة انتقادات حادة بعد قراره تثبيت أسعار الفائدة خلال العام الجاري، لكن البيانات الاقتصادية الأخيرة عززت موقف رئيس البنك “جيروم باول” وقلّلت من حدة هذه الضغوط.
و تشير المؤشرات إلى عدم وجود حاجة ملحة لخفض الفائدة في الاجتماع القادم المقرر نهاية يوليو، مع احتمالية بدء تخفيضها اعتبارًا من اجتماع شتنبر المقبل، إذا دعت الحاجة.
أظهرت أحدث الأرقام المتعلقة بسوق العمل مرونة واضحة في أداء الاقتصاد الأمريكي، رغم ظهور بعض الإشارات التحذيرية.
ففي القطاع الخاص، سجلت الأجور أبطأ وتيرة نمو منذ أكتوبر الماضي، في حين أن انخفاض معدل البطالة يعود جزئيًا إلى تراجع معدل المشاركة في سوق العمل—وهو ما يرتبط إلى حد ما بسياسات الهجرة المشددة التي اتبعها الرئيس “دونالد ترامب”.
يواجه الاحتياطي الفيدرالي تحديين رئيسيين في الوقت الحالي: الأول هو خفض معدلات البطالة، والثاني هو الحفاظ على التضخم ضمن الهدف المحدد عند 2%.
ومنذ العام الماضي، استهدفت سلسلة تخفيضات الفائدة تحقيق توازن دقيق بين هذين الهدفين.
ويبدو أن البنك قد وضع معايير واضحة لبدء خفض جديد في الفائدة، ترتكز على شرطين رئيسيين: إما أن يحقق التضخم استقرارًا واضحًا، أو أن تظهر مؤشرات ضعف ملموسة في سوق العمل.
بين الضغوط السياسية والبيانات..هل بإمكان الفيدرالي البدء في خفض الفائدة خلال اجتماع سبتمبر؟ |
||
المسؤول/الجهة |
|
رؤيته |
كاثي بوستجانشيك” كبيرة الاقتصاديين لدى “نيشن وايد فاينانشال” |
|
وصفت تقرير الوظائف الأخير بالضعيف، وأشارت إلى الكثير من البيانات التي ستصدر خلال الشهرين المقبلين التي ستؤثر على قرار الفيدرالي، ولكن حال استمرت الاتجاهات على حالها، فسيكون البنك قادرًا على تخفيف السياسة النقدية. تتوقع خفض الفائدة ربع نقطة مئوية في كل من سبتمبر وأكتوبر وديسمبر، لكنها ترى أن “باول” سيتمكن من تحقيق التوازن المطلوب من خلال عدم المبالغة في الوعود. وذلك من خلال الخفض في سبتمبر مع تأكيد “باول” بأن هذا ليس وعدًا بأي شكل من الأشكال بمزيد من التيسير النقدي، وفي حال تفاقم التضخم، فيمكن للبنك تثبيت الفائدة بعد ذلك دون تغيير. |
“بريا ميسرا” مديرة المحافظ الاستثمارية لدى “جيه بي مورجان” لإدارة الأصول
|
|
بعد البيانات الأخيرة، لا داعي للاستعجال، ويمكن الاستمرار في تأجل الخفض المقبل للفائدة. |
جولدمان ساكس |
|
يتوقع عودة الاحتياطي الفيدرالي إلى نهجه المرن ويبدأ بتخفيضات الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية خلال سبتمبر من المستوى الحالي البالغ 4.25%-4.5%، على أن يخفض الفائدة مرتين إضافيتين بنفس المعدل في اجتماعي أكتوبر وديسمبر. وفي العام المقبل، يتوقع “جولدمان ساكس” خفض الفائدة مرتين إضافيتين، ليصل المعدل إلى المدى 3%-3.25%. |
“ستيفن جونو” الخبير الاقتصادي لدى “بنك أوف أمريكا” |
|
سوق العمل ليس بنفس القوة التي كان عليها قبل عام على سبيل المثال، لكنه مستقر، وبالتالي يمكن للفيدرالي التحلي بالصبر في تقييم المخاطر، مشيرًا إلى أن الأمر يعتمد في النهاية على التضخم بداية من البيانات المقرر صدورها في الخامس عشر من يوليو. |
“كيفن فلاناغان” رئيس استراتيجيات أدوات الدخل الثابت لدى “ويزدوم تري”
|
|
إذا كان هناك أي تضخم ناتج عن التعريفات، فسيظهر قبل اجتماع سبتمبر، وقد يواجه الفيدرالي صعوبة في تخفيف الفائدة إذا صمد سوق العمل. |
“ماثيو لوزيتي” كبير اقتصاديي الولايات المتحدة لدى “دوتشيه بنك”
|
|
الفيدرالي لن يخفض الفائدة حتى ديسمبر، لأن تقرير الوظائف الشهري الأخير قلل من احتمالات الخفض في سبتمبر، وأشار إلى أن سوق العمل لا يبدو ضعيفًا وأن معدل البطالة انخفض بالفعل في يونيو. |
“سيما شاه” كبيرة الاستراتيجيين العالميين لدى “برينسيبال” لإدارة الأصول
|
|
البيانات الأخيرة التي تظهر ارتفاعًا بأكثر من المتوقع في أعداد الوظائف وانخفاضًا في معدل البطالة وتراجعا في طلبات إعانة البطالة، تشير إلى عدم وجود حاجة ملحة لخفض الفائدة الوشيك. |
وزير الخزانة “سكوت بيسنت” |
|
صرح بعد البيانات التي صدرت الأسبوع الماضي أن عدد الوظائف جيد، قائلاً: لم نشهد حتى الآن أي تضخم ناتج عن التعريفات الجمركية، مضيفًا أن التخلي عن خفض الفائدة حاليًا يزيد من احتمالية خفضها بمقدار نصف نقطة مئوية في سبتمبر. |
في أعقاب قرار تثبيت سعر الفائدة، أعرب “باول” عن قلقه إزاء حالة عدم اليقين المرتبطة بالتعريفات الجمركية الجديدة. ومع إعلان إدارة “ترامب” أن الرسوم الجمركية ستُطبق بالكامل في الأول من أغسطس على الدول التي لم تصل لاتفاق معها، يواجه الفيدرالي تحديًا إضافيًا في مكافحة التضخم المتزايد بفعل هذه السياسات التجارية.
تضعف بيانات سوق العمل الأخيرة من فرص خفض الفائدة بشكل فوري خلال اجتماع نهاية يوليو. إلا أن التحدي لا يقتصر على الأرقام فقط، بل يمتد إلى انقسامات داخل المجلس نفسه، حيث يدعو بعض الأعضاء مثل “كريس والر” و”ميشيل بومان” إلى ضرورة تخفيض الفائدة، بينما يعبر آخرون عن مخاوف جدية حيال استمرار التضخم وضرورة التحلي بالصبر.
تقلصت احتمالات تعديل السياسة النقدية في الاجتماع المرتقب، غير أن الاقتصاديين لا يستبعدون بدء سلسلة تخفيضات في سبتمبر المقبل، إذا استمرت البيانات في دعم هذه الخطوة، وباتت ظروف الاقتصاد والسياسات التجارية لواشنطن ملائمة لذلك.