تقرير يحذر : المغرب قد ينتج 213 ألف طن من النفايات الإلكترونية سنوياً بحلول 2030

في ظل التحولات المتسارعة نحو الرقمنة وتوسع استخدام الأجهزة الإلكترونية في مختلف مناحي الحياة، حذر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من تزايد كميات النفايات الإلكترونية في المغرب، مشيرًا إلى أن المملكة قد تنتج ما يقارب 213 ألف طن من نفايات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي يقدر بـ3.5%.
وفي رأيه المعنون بـ”نحو اقتصاد دائري لنفايات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية: من نفايات إلى موارد”، أوضح المجلس أن إجمالي هذه النفايات بلغ 177 ألف طن سنة 2022، مقارنة بـ127 ألف طن فقط سنة 2015، ما يعكس تسارع وتيرة الاستهلاك دون مواكبة فعالة على مستوى التدوير والمعالجة.
ورغم هذا الارتفاع، فإن معدل التدوير لا يتجاوز 13%، أي ما يعادل نحو 16 ألف طن، مع تطلعات لرفعه إلى 40% في أفق 2030. لكن هذا يظل بعيدًا، إذ أن أكثر من 87% من هذه النفايات تبقى خارج دائرة الاقتصاد الدائري.
وبحسب المجلس، فإن الأسر المغربية تعتبر المصدر الأكبر لهذه النفايات بنسبة 74%، مقابل 26% للمهنيين، بما في ذلك المؤسسات العمومية، ما يجعل عملية الجمع والفرز أكثر صعوبة وتعقيدًا.
وعلى مستوى التوزيع الجغرافي، أظهر الرأي أن جهة الدار البيضاء-سطات تنتج 25% من نفايات الأجهزة الإلكترونية على الصعيد الوطني، تليها جهة الرباط-سلا-القنيطرة (15%)، ثم فاس-مكناس (12%)، وطنجة-تطوان-الحسيمة ومراكش-آسفي بنسبة 11% لكل منهما.
وأكد المجلس أن الاستغلال الأمثل لهذه النفايات قد يتيح فرصًا استثمارية بقيمة 60 مليون درهم، إلى جانب توفير قيمة مضافة تقارب 182 مليون درهم.
ومع ذلك، فإن نصيب الفرد المغربي لا يتجاوز 5 كيلوغرامات من هذه النفايات سنويًا، أي أقل بكثير من المعدل العالمي البالغ 8.7 كيلوغرامات، وأقل بأربعة أضعاف من بعض الدول المتقدمة.
ورغم أهمية الموضوع، لفت التقرير إلى غياب بيانات دقيقة حول صادرات المغرب من هذه النفايات، مشيرًا فقط إلى معطيات جزئية تفيد تصدير حوالي 30 ألف طن من نفايات النحاس سنويًا إلى أوروبا، في وقت تعرف فيه واردات الأسلاك النحاسية ارتفاعًا حادًا من 5 آلاف طن إلى 65 ألف طن سنويًا، بسبب استقرار العديد من شركات تصنيع الكابلات الكهربائية داخل البلاد.
وأفاد فاعلون صناعيون للمجلس أنهم يضطرون إلى تصدير نفاياتهم للخارج لإعادة تدويرها ثم استيرادها من جديد، نتيجة غياب القدرات الوطنية الكافية لمعالجة هذه النفايات محليًا، ما يؤدي إلى ضياع فرص اقتصادية وإنتاجية مهمة.
وشدد المجلس على ضرورة ضبط صادرات هذا النوع من النفايات، والتحكم في تدفقاتها، مع تعزيز آليات المراقبة وضبط الأسعار والكميات في السوق المحلية، بما يمكن من تثمينها محليًا بدل خسارتها في الأسواق الدولية.
وأشار إلى أن بعض النفايات مثل البطاقات الإلكترونية تُباع بـ5 أو 6 دراهم للكيلوغرام في السوق الوطني، بينما تُقدّر قيمتها في أوروبا بمئات اليوروهات، ما يعكس مدى الخسارة الاقتصادية التي يتكبدها المغرب جراء هذا الخلل في منظومة التدوير.
وفي ما يخص الجانب البيئي، حذّر المجلس من تداعيات التخلص العشوائي من هذه النفايات، خاصة في غياب مطارح مراقبة مخصصة لهذا النوع من المخلفات، حيث يتم خلطها مع النفايات المنزلية أو حرقها في الهواء الطلق، مما يؤدي إلى انبعاثات سامة تهدد صحة العاملين في جمع النفايات وسكان المناطق المجاورة.
وفي ختام رأيه، قدم المجلس جملة من التوصيات الهادفة إلى إرساء منظومة وطنية ناجعة في تدبير هذه النفايات، من بينها:
مراجعة التصنيف القانوني للنفايات الإلكترونية الذي يدرجها ضمن النفايات الخطرة.
إدراج أنواع جديدة من النفايات ضمن التشريع البيئي، مثل الألواح الشمسية ومعدات التنقل الكهربائي والهجين.
تقديم حوافز مالية وضريبية للمستثمرين في مجال إعادة التدوير.
تهيئة مطارح متخصصة وآمنة لتجميع ومعالجة نفايات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية.
ويخلص المجلس إلى أن معالجة هذا الملف تمثل فرصة حقيقية لخلق القيمة، وتحقيق التنمية المستدامة، وتقليل التبعية الخارجية، إذا ما تم تبني سياسات فعالة وشاملة في إطار الاقتصاد الدائري.