اقتصاد المغربالأخبارالشركات

تقرير : أرباح الشركات المغربية تتجاوز إجمالي الأجور بنسبة 80%

أظهرت الحسابات الوطنية للقطاعات المؤسساتية لعام 2024 مؤشرات مثيرة للانتباه حول توزيع الثروة في المغرب، حيث تبرز فجوة متسعة بين أرباح الشركات ومداخيل الأجراء، في ظل ارتفاع مستمر لقيمة الأرباح مقارنة بالكتلة الأجورية.

وأكدت المعطيات الرسمية أن أرباح المؤسسات المالية وغير المالية بلغت نحو 1.8 مرة كتلة الأجور الموزعة، ما يعكس تركيزًا متناميًا للقيمة المضافة في يد رؤوس الأموال على حساب دخل العاملين.

وتفصيلاً، بلغ فائض الاستغلال الخام للشركات 421 مليار درهم، مقابل 224 مليار درهم فقط ككتلة أجور، وهو ما يظهر ميلًا هيكليًا نحو استحواذ أرباح الشركات على الجزء الأكبر من الناتج الاقتصادي، في حين تبقى مداخيل الأسر محدودة مقارنة بتنامي تكاليف المعيشة، مما يزيد الضغوط الاجتماعية على الفئات العاملة.

وتشير الأرقام إلى دور الشركات كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي، إذ ساهمت بما يعادل 45.7% من الناتج الداخلي الإجمالي، لكنها في الوقت نفسه تكشف عن استفادة غير متوازنة من الدينامية الاقتصادية، حيث لم تواكب ارتفاع أرباح المؤسسات تحسنًا ملحوظًا في أجور الشغيلة.

وفي مواجهة محدودية الأجور، زادت الدولة من تدخلها الاجتماعي لدعم القدرة الشرائية للأسر. فقد استحوذت الأسر والمؤسسات غير الربحية على 63.1% من الدخل الوطني المتاح بما يعادل 1059.7 مليار درهم، غير أن جزءًا كبيرًا من هذا الدخل تحقق عبر التحويلات الحكومية والدعم الموجه لتعزيز القدرة الشرائية وموازنة أثر التفاوت في الأجور.

وقد ساهم هذا التدخل في رفع القدرة الشرائية بنحو 5.1 نقاط، لكنه فرض ضغوطًا على المالية العمومية، حيث اضطرت الدولة إلى تمويل حاجيات الاقتصاد بمقدار 18.5 مليار درهم عبر الاقتراض، متضمنًا 48.8 مليار درهم إصدارات خزينة صافية داخلية و19 مليار درهم ديون خارجية، لتغطية الفجوة بين نمو أرباح الشركات والأجور الموزعة، ما يعكس عبئًا ملموسًا على ميزانية الدولة.

تعكس هذه البيانات واقعًا معقدًا: الاقتصاد الوطني يحقق مكاسب كبيرة لرؤوس الأموال، بينما تبقى أجور الأجراء محدودة، ما يضع البلاد أمام تحديات استراتيجية لتعزيز العدالة الاقتصادية، وإعادة توازن توزيع الثروة، وضمان قدرة الأسر على مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل مستدام.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى