تراجع البيتكوين يثير التساؤلات: هل تعود العملة الرقمية الأقوى لاستعادة زخمها؟

في غضون أسابيع قليلة، شهدت معنويات المستثمرين تجاه العملات المشفرة تقلبًا حادًا، حيث تحولت من التفاؤل إلى الحذر الشديد، مع عزوف واضح عن الأصول عالية المخاطر.

وقد انعكس ذلك بشكل جلي على أداء البيتكوين، التي فقدت أكثر من 31% من قيمتها منذ بلوغها ذروتها فوق 126 ألف دولار في أكتوبر، لتتراجع دون مستوى 86 ألف دولار في بداية هذا الأسبوع.

يأتي هذا التراجع وسط موجة من العوامل الاقتصادية العالمية التي أثقلت كاهل الأصول الخطرة، بما في ذلك المخاوف من تضخم تقييمات الأسواق.

وقد أسفرت هذه الضغوط عن موجة بيع واسعة في قطاعات التكنولوجيا والأسهم المرتبطة بالمخاطر، مما أثر بدوره على أسواق العملات المشفرة.

على الرغم من دعم الإدارة الأمريكية لتطوير سوق العملات الرقمية، إلا أن تعليق صدور البيانات الاقتصادية الهامة إثر الإغلاق الحكومي الأخير أضفى حالة من الغموض على السياسة النقدية، وزاد من حالة الترقب لدى المستثمرين، ما ألقي بظلال سلبية على الأصول المشفرة.

شهدت البيتكوين شهر نوفمبر صعوبة ملحوظة، بتراجع قيمتها بنسبة 16.7%، مع تسجيل صناديق البيتكوين المتداولة في الولايات المتحدة أعلى وتيرة شهرية للتخارج منذ فبراير الماضي، وهي ثاني أعلى وتيرة على الإطلاق.

وأشار الرئيس التنفيذي لشركة “استراتيجي”، فونج لي، إلى إمكانية بيع جزء من حيازات الشركة من البيتكوين إذا تجاوزت قيمتها السوقية حجم التمويلات المتاحة، معتبرًا ذلك كحل أخير لتأمين السيولة.

كما أثرت تحذيرات وكالة “ستاندرد آند بورز جلوبال” من ضعف العملة المستقرة “تيثر” نتيجة زيادة الأصول عالية المخاطر في احتياطياتها، إضافة إلى تحذيرات بنك الشعب الصيني من المضاربة في العملات الرقمية، على تزايد الضغوط على السوق.

رغم التراجع الحالي، يرى بعض الخبراء أن البيتكوين قد تشهد تعافيًا تدريجيًا. ويتوقع شون ماكنولتي، رئيس قسم تداول المشتقات لدى “فالكون إكس”، استمرار التعاملات الحذرة مع احتمال وصول العملة إلى مستوى 80 ألف دولار قبل انطلاقة صعود جديدة.

تشير البيانات التاريخية إلى أن البيتكوين تميل للارتفاع خلال شهر ديسمبر، حيث سجلت زيادة بنسبة 9.7% في المتوسط منذ إطلاقها، لتكون ثالث أفضل شهور العام أداءً، بعد أكتوبر الذي يسجل عادة ارتفاعات تتجاوز 16%.

وفي أفق أوسع، لا يزال العديد من صناع القرار في وول ستريت متفائلين بشأن مستقبل البيتكوين. فقد توقعت كاثي وود، الرئيسة التنفيذية لشركة “آرك إنفست”، أن يصل سعر العملة الرقمية إلى 1.2 مليون دولار بحلول عام 2030، مشيرة إلى الإمكانات الكبيرة للأصل الرقمي رغم التقلبات الحالية.

يبقى سوق البيتكوين تحت تأثير ضغوط قصيرة الأمد، إلا أن المؤشرات التاريخية والتوقعات المستقبلية تشير إلى أن العملة المشفرة لا تزال تمتلك القدرة على استعادة زخمها. ومن المتوقع أن يواصل المستثمرون التعامل بحذر، ما سيجعل السوق يشهد تحركات متذبذبة خلال الفترة القادمة.