الأخبارالاقتصادية

تحذير صندوق النقد الدولي للجزائر..إصلاحات عاجلة لتجنب أزمة تمويل مرتقبة

أصدر صندوق النقد الدولي تحذيراً شديد اللهجة للجزائر، داعياً إياها إلى اتخاذ إجراءات سياسية حاسمة لتعديل مسارها المالي وتفادي أزمة تمويل وشيكة.

ووفقاً لبيان الصندوق، الصادر بمناسبة اختتام مشاورات المادة الرابعة، تحتاج الجزائر إلى تعديل مالي يعادل 5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة من 2025 إلى 2028، وإلا ستواجه تآكلاً في هوامش ميزانيتها وتدهوراً في قدرتها على الصمود الاقتصادي.

جاء تحذير الصندوق متوافقاً مع نتائج التقرير السنوي لبنك الجزائر لعام 2024، والذي أشار إلى تباطؤ في النمو الحقيقي وتفاقم في الهشاشة المالية.

ولعل أبرز ما كشفه التقرير هو تدهور الأرصدة الخارجية وعودة الحساب الجاري إلى العجز، إضافة إلى انخفاض ملحوظ في احتياطيات البلاد. هذه المؤشرات السلبية، إلى جانب تراجع إيرادات المحروقات، كشفت عن نموذج اقتصادي يعاني من نزيف مستمر في الإنفاق العام.

الوضع المالي للجزائر، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، أصبح محفوفاً بالمخاطر، حيث تشير التوقعات إلى عجز مالي مزدوج الرقم للسنوات 2025-2026.

هذا العجز يهدد بوضع ضغوط هائلة على القطاع المصرفي وقد يدفع إلى برامج تمويل نقدي غير تقليدية، مما يزيد من مخاطر الديون على المدى المتوسط ويرفع مخاطر التعرض للضغط السيادي إلى مستوى “مرتفع”.

لتجنب هذا المسار المحفوف بالمخاطر، قدم صندوق النقد الدولي سلسلة من التوصيات التي وصفها بأنها ضرورية وعاجلة:

  1. إصلاح دعم الطاقة تدريجياً: لتحرير الموارد المالية وتوجيهها نحو إنفاق أكثر استهدافاً وفعالية.
  2. توسيع القاعدة الضريبية: عبر تعزيز الإيرادات من القطاعات غير النفطية. ويقدر الخبراء أن سد الفجوة الضريبية غير النفطية يمكن أن يضيف ما بين 2% و4% من الناتج المحلي الإجمالي.
  3. تعزيز الانضباط في الشركات المملوكة للدولة: من خلال تحسين الرقابة والحوكمة لتخفيف المخاطر المالية.
  4. تعزيز مرونة الدينار الجزائري: وهو ما سيمكن الاقتصاد من امتصاص الصدمات الناتجة عن تقلبات أسعار النفط، كما سيدعم جهود تنويع الاقتصاد.
  5. الامتناع عن التمويل النقدي المباشر أو غير المباشر: والتأكيد على استقرار الأسعار كهدف أساسي للبنك المركزي.

كما شدد الصندوق على أهمية تحسين الشفافية، خاصة في قطاع المحروقات، واستكمال الإجراءات المتبقية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهو ما من شأنه أن يساهم في بناء ثقة أكبر لدى المستثمرين والمؤسسات الدولية.

في ظل هذه التحذيرات، يبدو أن الجزائر أمام مفترق طرق. فمن جهة، هناك نموذج اقتصادي يعتمد بشكل مفرط على المحروقات، وهو ما يجعله عرضة لتقلبات السوق العالمية.

ومن جهة أخرى، هناك فرصة للقيام بإصلاحات هيكلية عميقة يمكن أن تعزز المرونة الاقتصادية، وتشجع على تنويع الصادرات، وتحسن مناخ الأعمال.

الأيام المقبلة ستكشف عن مدى استعداد الحكومة الجزائرية للتعاطي مع هذه التحديات وتبني “وصفة” صندوق النقد الدولي، التي قد تكون السبيل الوحيد لتفادي أزمة مالية قد تكون نتائجها وخيمة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى