اقتصاد المغربالأخبار

بنك المغرب يُمهل الحكومة أسبوعين لمعالجة تضخم الكاش القياسي

في إشارة واضحة إلى تحدٍ اقتصادي متزايد، كشفت أحدث الأرقام عن وصول السيولة النقدية المتداولة في المملكة المغربية إلى مستوى قياسي جديد ومقلق. مع نهاية شهر يوليوز 2025، تجاوز حجم الكاش المتداول حاجز 458 مليار درهم، مسجلاً بذلك زيادة هائلة بلغت 36.6 مليار درهم مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

هذا التضخم النقدي اللافت دفع بنك المغرب، المؤسسة المركزية المشرفة على السياسة النقدية، إلى إعلان حالة استنفار والدخول في دراسات معمقة لفهم خلفيات هذه الظاهرة التي تتسع رقعتها عاماً بعد عام.

خلال الندوة الصحفية التي أعقبت اجتماع مجلس بنك المغرب المنعقد في الثالث والعشرين من شتنبر الجاري، ألقى عبد اللطيف الجواهري، والي البنك المركزي، الضوء على الجهود المبذولة، مؤكداً أن مؤسسة الإصدار قد أنجزت دراسة شاملة ومفصلة حول هذا الارتفاع المستمر في حجم “الكاش” خارج القنوات المصرفية.

وصرح الجواهري بأن “النسخة الأخيرة من التقرير قد أُنهيت بالفعل، وتم إرسالها إلى عدد من الأطراف الحكومية والمؤسساتية للحصول على ملاحظاتهم وتقييماتهم بشأنها”، مشدداً على أن هذه المسألة لم تعد مجرد تحدٍ هامشي، بل أصبحت أولوية وطنية تستدعي “نقاشاً موسعاً” على أعلى المستويات.

على الرغم من إقراره بأن أسباب تنامي الاعتماد المفرط على النقد باتت معروفة ومدروسة بدقة، إلا أن والي البنك المركزي حذر من البحث عن “حل سحري” يمكنه القضاء على الظاهرة بشكل فوري وجذري.

وأوضح الجواهري أن استراتيجية بنك المغرب الحالية تتحول للتركيز على جانب “ما بعد” تراكم الكاش، ويتمثل هذا التركيز في إيجاد آليات عملية وفعّالة لـتقليص نسبة النقد المتداول كجزء من الناتج الداخلي الخام، والسعي لخلق السبل الكفيلة بـتحويل جزء كبير من هذه السيولة الضخمة نحو القنوات البنكية وشبه البنكية لضمان دمجها في الدورة الاقتصادية الرسمية وتحسين الشفافية المالية.

تأكيداً على أهمية المقاربة التشاركية، منح المسؤول ذاته مختلف الأطراف المعنية مهلة لا تتجاوز أسبوعين لتقديم ملاحظاتهم ومقترحاتهم حول ما جاء في الدراسة. الهدف التالي هو عقد اجتماع شامل لمناقشة الحلول والآليات الممكنة للحد من هذا “التضخم النقدي”.

يمثل هذا التضخم تحدياً اقتصادياً ومالياً ضخماً، حيث يؤثر بشكل مباشر على مسار الشمول المالي واستقرار وتوازن المنظومة المصرفية الوطنية.

إن الانشغال الرسمي بتفاقم السيولة المتداولة خارج البنوك يطرح بقوة مجدداً سؤال الثقة في المنظومة المالية، ويستدعي مراجعة مدى قدرة السياسات العمومية الحالية على تحفيز المواطنين والفاعلين الاقتصاديين على الانخراط بفعالية أكبر في المعاملات البنكية الحديثة والابتعاد عن الإفراط في استخدام النقد.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى