بلاك روك: فرص الاستثمار في الأسواق عالية المخاطر تظل واعدة رغم التحديات العالمية

رغم تصاعد حالة الغموض في الأسواق المالية بفعل التحولات في السياسات الأميركية والاضطرابات الجيوسياسية، تؤكد شركة “بلاك روك” للاستثمار أن الأفق القريب لا يزال يحمل فرصًا واعدة، خاصة في الأصول عالية المخاطر، وفي مقدمتها الأسهم الأميركية.
جاء ذلك ضمن التقرير النصف سنوي لتوقعات الأسواق العالمية لعام 2025، الصادر عن معهد بلاك روك للاستثمار، الذي أشار إلى أن فقدان بعض الركائز الاقتصادية التقليدية – مثل استقرار التضخم واستقلالية البنوك المركزية – لا يعني تراجع الجدوى الاستثمارية، بل يستدعي إعادة تشكيل استراتيجيات إدارة المخاطر والتركيز على الاستثمار النشط.
وأوضح التقرير أن القوى الاقتصادية الجديدة، مثل الذكاء الاصطناعي والتحول في قطاع الطاقة، إلى جانب طفرة البنية التحتية، بدأت تحل تدريجيًا محل المرتكزات التقليدية، وهو ما يتطلب من المستثمرين اتباع نهج أكثر مرونة وانتقائية.
وفي هذا السياق، تواصل “بلاك روك” الحفاظ على انكشاف قوي على الأسهم الأميركية، مدفوعة بالزخم الذي تشهده شركات التكنولوجيا والإنفاق المتزايد على البنية التحتية الرقمية، وخاصة المشاريع المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
وأشار التقرير إلى أن الفرص لتحقيق أداء استثنائي يتجاوز المؤشرات المرجعية أصبحت متاحة، خصوصًا عبر استثمارات تستغل اضطرابات السيولة والتقلبات التنظيمية قصيرة الأجل.
في المقابل، حذرت الشركة من الضغوط التي يواجهها سوق السندات الأميركية طويلة الأجل، نتيجة تفاقم العجز المالي وارتفاع معدلات الفائدة، مما يجعل السندات قصيرة الأجل وبعض أدوات الدين الأوروبية خيارات أكثر جاذبية في المرحلة الحالية.
أما فيما يتعلق بالأسواق الناشئة، فقد سلط التقرير الضوء على منطقة الخليج العربي كمحور متقدم في مشهد التحول الاقتصادي العالمي، مدفوعًا بالتركيز على أمن الطاقة وتنويع مصادرها.
وأكد أن السعودية، في إطار “رؤية 2030″، تبرز كمركز استراتيجي لاستقطاب رؤوس الأموال الخاصة، لا سيما في مشاريع التحول الصناعي والبنية التحتية.
وأوضح التقرير أن التحولات في الخليج تمثل جزءًا من التوجه العالمي نحو دعم الاقتصاد الحقيقي، من خلال شراكات متزايدة بين القطاعين العام والخاص، وهو ما يعكس تحولًا في فلسفة تمويل التنمية.
ويُبرز معهد بلاك روك ثلاث قوى رئيسية تعيد تشكيل المشهد الاستثماري في منطقة الشرق الأوسط: تفكك النظام الجيوسياسي التقليدي، وتسارع التحول الطاقي، والتطورات المتسارعة في الذكاء الاصطناعي.
وقال بن باول، كبير استراتيجيي الاستثمار في المنطقة، إن التوسع في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة والطاقة النظيفة يعكس نضجًا متزايدًا في مسار التنويع الاقتصادي، مشيرًا إلى أن تنافسية أسعار الطاقة تجعل من المنطقة بيئة جذابة لمراكز البيانات ومشاريع الذكاء الاصطناعي.
وأوضح أن الاستقرار النسبي في الأوضاع الجيوسياسية مؤخرًا ساعد في تخفيف المخاطر وعودة التوازن إلى أسواق النفط، ما ساهم في دعم الزخم الاستثماري محليًا.
ومن أبرز الأمثلة على هذا التحول، أشار التقرير إلى استثمارات صناديق أبوظبي السيادية بقيمة 10 مليارات دولار في مشاريع أشباه الموصلات ومراكز البيانات، إلى جانب سعي السعودية لجذب 20 مليار دولار في استثمارات الذكاء الاصطناعي بحلول 2030.
وفي مجال الطاقة، تطرق التقرير إلى مشروع الهيدروجين الأخضر في “نيوم” بقيمة 8.4 مليار دولار، ومبادرات سلطنة عمان لإنتاج الهيدروجين المتجدد، إلى جانب خطط الإمارات في تعزيز تقنيات احتجاز الكربون.
وخلص التقرير إلى أن البيئة الاقتصادية الجديدة تتطلب إعادة هيكلة المحافظ الاستثمارية بشكل متوازن يدمج بين الأسواق العامة والخاصة، ويراعي الاتجاهات الهيكلية بعيدة المدى.
ورغم التحديات، لا تزال الأصول الأميركية تحتفظ بجاذبية أساسية، مدعومة بأداء قوي للقطاع التكنولوجي وربحية الشركات.