المغرب أمام تحدي الكربون الأوروبي: فرصة لتعزيز تنافسية الصادرات أو عقبة أمام الصناعات الوطنية

أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن آلية تعديل الكربون على حدود الاتحاد الأوروبي، التي ستدخل حيز التنفيذ مطلع 2026، ستكون لها تداعيات واضحة على الصادرات المغربية، لا سيما إلى الأسواق الأوروبية، إضافة إلى الأسواق العالمية التي تعتمد إجراءات مماثلة.
وأوضح المجلس أن هذه الآلية تحمل في طياتها تحديات وفرصاً على حد سواء بالنسبة للاقتصاد الوطني.
وأشار المجلس في تقريره إلى أن هذه الآلية تمثل فرصة لتسريع إزالة الكربون من مختلف القطاعات الصناعية، وهو ما بدأ فعلياً بعض الفاعلين الصناعيين بالمضي فيه.
إلا أنه في غياب جاهزية كافية، يمكن أن تتحول إلى عقبة أمام الولوج إلى السوق الأوروبية، بسبب المتطلبات البيئية والالتزامات الإدارية والمالية الإضافية المفروضة على المصدّرين والمقاولات الوطنية.
وتطبق الآلية في البداية على القطاعات الأكثر انبعاثاً لغاز ثاني أكسيد الكربون، بما في ذلك الحديد والصلب، الألمنيوم، الإسمنت، الأسمدة الهيدروجينية، والكهرباء، على أن يتم توسيع نطاقها تدريجياً ليشمل منتجات وقطاعات أخرى.
ورغم أن التقرير يوضح أن الأثر المباشر على الاقتصاد الوطني على المدى القصير يبقى محدوداً، حيث لا تتجاوز حصة الصادرات المغربية المعنية 3.7٪ من إجمالي المبادلات مع الاتحاد الأوروبي، إلا أن التأثير قد يتزايد مستقبلاً مع اتساع نطاق تطبيق الآلية، ليطال قطاعات استراتيجية مثل السيارات والطيران والفلاحة والنقل الجوي.
وحذّر المجلس من أن هذه الآلية ليست خاصة بالاتحاد الأوروبي فقط، بل من المرجح أن يعتمدها شركاء تجاريون آخرون، ما قد يضعف قدرة المغرب التنافسية ويمس تموضعه الاستراتيجي في الأسواق الدولية، خاصة في ظل محدودية الموارد التقنية والمالية لدى الصناعات الوطنية للحد من الانبعاثات والتكيف مع المعايير الجديدة.
وشدد التقرير على أهمية تحويل هذه الآلية من ضغط خارجي إلى فرصة لتعزيز تنافسية الصادرات المغربية، مع مواصلة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية منخفضة الكربون في أفق 2050، وتعزيز قدرة الصناعات الوطنية على التكيف مع المعايير البيئية الصارمة.
كما دعا المجلس إلى اعتماد مقاربة مندمجة تشمل التنسيق المؤسساتي، تطوير الخبرة التقنية، تمويل ومواكبة الصناعيين، وضع استراتيجية وطنية لتسعير الكربون، وتعزيز التعاون الدولي والإقليمي لدعم المصدّرين وتحقيق الانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون، بما يضمن استدامة الصادرات المغربية وقدرتها على المنافسة في الأسواق العالمية.