الأسهمالاقتصادية

المستثمرون الآسيويون يعيدون ضخ أموال قياسية في أدوات الأسهم المركبة

شهدت الأسواق المالية الآسيوية هذا العام تدفقاً غير مسبوق لرؤوس الأموال من المستثمرين الأثرياء نحو أدوات مالية معقدة مرتبطة بالأسهم، بعد أن كانت هذه الأدوات قد سببت لهم خسائر فادحة في السنوات الماضية.

وفق تقديرات بنك بي إن بي باريبا، قفزت إصدارات المنتجات المهيكلة المرتبطة بأسواق هونغ كونغ وسنغافورة بنسبة 80% خلال 2025، لتتجاوز قيمتها الإجمالية 200 مليار دولار، وهو رقم قياسي في تاريخ هذه الأدوات المالية.

المنتجات الأكثر رواجاً، والمعروفة باسم “أدوات تجميع الأسهم”، تلزم المستثمرين بالشراء الدوري للأسهم بأسعار محددة مسبقاً، ما يوفر لهم فرصاً لبناء مراكز مالية بطريقة منظمة، رغم التعقيدات التي قد تجعل الخسائر أكبر في حالات تراجع السوق. إلى جانب ذلك، لاقت المنتجات ذات القسائم الثابتة إقبالاً كبيراً بفضل توزيعاتها الشهرية الجاذبة.

وقال توني لي، رئيس استراتيجية مشتقات الأسهم العالمية في جيه بي مورغان تشيس: “الإصدارات كانت محدودة جداً خلال السنوات الماضية، حتى سبتمبر من العام الماضي، لكن تعافي السوق الصينية حول الاهتمام من الأسهم الأميركية إلى أسهم هونغ كونغ.”

أبرزت بيانات شركة SRP أن آسيا بقيت السوق الرئيسة لهذه الأدوات، حيث شكلت مبيعات المنطقة أكثر من 60% من المبيعات العالمية خلال الأشهر السبعة الأولى من 2025، بقيادة الصين وهونغ كونغ. وقد ركز المستثمرون هذا العام على شركات صينية كبرى مثل علي بابا وتينسنت، في تحول واضح عن التركيز التقليدي على الشركات الأميركية مثل إنفيديا.

ويستفيد المستثمرون من هذه المنتجات لتعزيز الانضباط في الاستثمار، بينما توفر بعض الأدوات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي عوائد سنوية تتراوح بين 10% و20%، مقارنة بـ10% إلى 12% لتلك المرتبطة بالمؤشرات.

أدوات تجميع الأسهم يتم تداولها خارج البورصات، وتلزم المستثمرين بشراء كميات محددة من الأسهم بأسعار ثابتة على فترات محددة. وفي حال ارتفاع السوق، غالباً ما يتم الشراء بسعر أقل من السوق، أما في فترات الانخفاض، فقد يُضطر المستثمرون للشراء بأسعار أعلى من السوق.

على سبيل المثال، بعض عقود CA Indosuez Wealth Management تفرض شراء ضعف الكمية في حال هبوط سعر الأسهم بنسبة تتراوح بين 10% و20%، ما يعكس المخاطر الكبيرة المرتبطة بهذه الأدوات.

كذلك، المنتجات ذات القسائم الثابتة، مثل تلك التي طرحتها باركليز بعائد 9% سنوياً، تكون مرتبطة بأداء أسهم شركات كبرى مثل علي بابا وتينسنت وميتوان، مع إمكانية تكبد المستثمرين لخسائر كبيرة إذا انخفضت الأسهم بنسبة 28% أو أكثر.

يستخدم بعض المستثمرين الأثرياء رافعة مالية لتعظيم العوائد، وهو ما يضاعف المخاطر في سيناريوهات الهبوط. وقد شهدت أسهم علي بابا ارتفاعاً يقارب 90% هذا العام في هونغ كونغ، بينما سجل مؤشر هانغ سنغ للتكنولوجيا مكاسب بنسبة 26%، في انتعاش بعد سنوات من الأداء الضعيف مقارنة بأسواق الأسهم الأميركية.

وقال دانيال سو من غولد هورس كابيتال مانجمنت: “المستثمرون الذين يشترون هذه الأدوات على استعداد لقبول أسوأ السيناريوهات، إذ يثقون بأن الأسهم ستتعافى على المدى الطويل.”

مع استمرار موجة صعود أسهم الذكاء الاصطناعي الصينية، يبدو أن أدوات الأسهم المركبة ستظل وجهة جذابة لرؤوس الأموال الكبيرة في آسيا، رغم التعقيدات والمخاطر التي ترافقها.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى