الأخبارالاقتصادية

المدن في مواجهة الشيخوخة…إعادة تصور الحاضر لاستقبال المستقبل

تواجه مدن العالم اليوم موجة ديموغرافية غير مسبوقة، حيث تتسارع وتيرة نمو عدد كبار السن بشكل ملحوظ، مما يفرض على المجتمعات الحضرية إعادة النظر في أسس تخطيطها وتصميمها لتتلاءم مع هذا الواقع المتغير.

كما تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عدد الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عامًا سيتضاعف بحلول منتصف القرن، ليصل إلى أكثر من 1.6 مليار نسمة، ما يعني أن واحدًا من كل ستة أشخاص سيكون في سن متقدمة.

هذا التحول يطرح أمام المدن تحديات معقدة، لا سيما في دول مثل اليابان وألمانيا وإيطاليا، حيث تمثل فئة كبار السن أكثر من خمس سكانها، مما يخلق حاجة ملحة لتطوير بنى تحتية وخدمات جديدة تلائم هذه الشريحة السكانية.

بُنيت معظم المدن خلال حقب زمنية كان فيها الشباب هم الفئة الأكبر والأكثر نشاطًا، لذا فإن البنية التحتية والخدمات كانت موجهة أساسًا لهم.

ومع تغير التركيبة السكانية، بات من الضروري تصميم شوارع ومرافق عامة تضمن سهولة التنقل والسلامة لكبار السن، من خلال توفير أرصفة ملساء، مقاعد راحة، إضاءة مناسبة، وأنظمة إشارات مرورية واضحة.

إلى جانب ذلك، يحتاج كبار السن إلى مساكن تلبي متطلباتهم الصحية والبدنية، ومراكز رعاية صحية متاحة بالقرب من أماكن إقامتهم، مما يحتم على السلطات الحضرية إعادة توزيع الفضاءات بشكل يحقق تكاملًا بين متطلبات الراحة والسلامة.

تحويل المدن إلى أماكن صديقة للمسنين ليس فقط مسألة إنسانية، بل يمثل أيضًا فرصة اقتصادية كبيرة. إذ يُتوقع أن يتجاوز حجم “اقتصاد الفضة” 15 تريليون دولار خلال السنوات القادمة، مع فرص استثمارية واسعة في مجالات الرعاية الصحية، البنية التحتية، والتقنيات الذكية.

دول سيكون لديها النسبة الأعلى من كبار السن الذين يصل عمرهم إلى 65 عامًا فأكثر بحلول 2050

الترتيب

الدولة

النسبة

1

الصين

%40.6

2

كوريا الجنوبية

%39.4

3

اليابان

%37.5

4

إيطاليا

%37.1

5

إسبانيا

%36.6

6

تايوان

%35.3

7

اليونان

%34.8

8

البرتغال

%34.5

كما أن توفير بيئة حضرية مهيأة لكبار السن يسهم في تقليل الحوادث والإصابات، مما يقلل العبء المالي على أنظمة الرعاية الصحية ويزيد من جودة حياة السكان بشكل عام.

تلعب التكنولوجيا دورًا محوريًا في دعم كبار السن داخل المدن الحديثة، من خلال تطوير أجهزة قابلة للارتداء ترصد الحالة الصحية، إلى روبوتات ومساعدات ذكية تسهل تواصلهم مع مقدمي الرعاية. كما تعتمد بعض المدن على حافلات ذاتية القيادة مخصصة لتلبية احتياجات التنقل الخاصة بهذه الفئة.

ومع ذلك، تبرز أهمية تصميم هذه الحلول بطريقة تسهل استخدامها وتضمن شمولية استفادة الجميع، خاصة مع وجود فجوة رقمية قد تعزل بعض كبار السن عن هذه التقنيات.

إن تبني فلسفة “المدن للجميع” يعني خلق بيئات حضرية تراعي التنوع العمري والاحتياجات المختلفة للسكان. فعلى سبيل المثال، تحد من حركة السيارات في مناطق معينة لتوفير مساحات آمنة للمشاة، وتُعزز وجود المرافق العامة المفتوحة التي تجمع بين جميع الأعمار.

بإمكان المدن التي تستثمر في هذه الرؤية أن تتحول إلى نماذج عالمية للتعايش والتناغم الاجتماعي، حيث يعيش الجميع بكرامة وراحة، بغض النظر عن أعمارهم.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى