الاقتصادية

الطاقة الحرارية الأرضية…فرصة جديدة لتلبية الطلب المتصاعد على الكهرباء

مع الارتفاع المتسارع في الطلب على الكهرباء الناتج عن توسع مراكز البيانات، تتجه الولايات المتحدة نحو اعتماد “كل الخيارات المتاحة” لتعزيز أمن الطاقة.

ويأتي في مقدمة هذه الخيارات الطاقات البديلة التي كانت مهمشة سابقًا، أبرزها الطاقة الحرارية الأرضية، التي رغم تمثيلها الحالي البالغ 0.4% فقط من مزيج الطاقة الأميركي، إلا أن خبراء الصناعة يتوقعون انفجار نموها قريبًا بدعم من السياسات المشتركة بين الحزبين الرئيسيين والتطورات التقنية المستمرة.

وقالت سيندي تاف، الرئيسة التنفيذية لشركة ساج جيوسيستمز للطاقة الحرارية الأرضية، لصحيفة ذا هيل: “قد يكون هذا العقد هو عقد الطاقة الحرارية الأرضية”، مشيرة إلى زيادة الاستثمارات والبيئة السياسية المواتية للأبحاث والتطوير في هذا القطاع.

رغم تأخر الطاقة الحرارية الأرضية بمقدار 10 إلى 15 عامًا عن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلا أن الإمكانات التجارية الكبيرة تجعل الكثيرين متفائلين بمستقبلها.

وتشير توقعات وزارة الطاقة الأميركية إلى أن مشاريع الجيل الجديد من الطاقة الحرارية الأرضية “المعززة” يمكن أن توفر نحو 90 غيغاواط من الطاقة النظيفة بحلول عام 2050، بما يكفي لتشغيل أكثر من 65 مليون منزل.

إلا أن التحديات تبقى كبيرة، أبرزها ارتفاع التكاليف الأولية والتشغيلية، التي تمثل عائقًا أمام التوسع السريع للقطاع.

في تقرير أصدرته الوزارة عام 2019 بعنوان “جيوفيجن: تسخير الحرارة تحت أقدامنا”، أُبرزت أهمية التغلب على عقبات تقنية وغير تقنية لخفض التكاليف وتقليل المخاطر، خاصة فيما يتعلق بعمليات الاستكشاف تحت الأرض، نظرًا لتعقيدها وتكاليفها العالية.

لكن المشهد تغير جذريًا منذ ذلك الحين، مع دخول شركات التكنولوجيا الكبرى بقوة، استجابة للطلب المتزايد من مراكز البيانات.

فقد بدأت شركات مثل ميتا وألفابت التعاون مع شركات ناشئة في مجال الطاقة الحرارية الأرضية لتطوير حلول مبتكرة، مستفيدة من تقنيات الحفر العميق المستوحاة من التكسير الهيدروليكي وأبحاث الاندماج النووي. كما ركزت الشركات على حل المشكلات المتعلقة بالاستهلاك المائي المرتفع وتحسين جدوى المشاريع التمويلية.

وفي ولاية يوتا، أعلنت شركة ناشئة، روداثرْم إنرجي كورب.، عن تطوير نظام طاقة حرارية أرضية مغلق يستخدم مبردات بدلًا من المياه، بعد جمعها 38 مليون دولار في جولة تمويلية.

وأوضح التقرير أن هذا النظام سيخفض التكاليف ويقلل من صيانة الأجزاء المعرضة للتآكل، إلى جانب توفير استهلاك المياه في منطقة شحيحة الموارد.

ويعتبر هذا التوجه جزءًا من “طفرة الطاقة المدفوعة بالذكاء الاصطناعي”، إذ أن تحسين أداء الطاقة الحرارية الأرضية يمكن أن يغير قواعد اللعبة بالنسبة لمراكز البيانات وأمن الطاقة الأميركي، نظرًا لقدرتها على توفير طاقة نظيفة ومستقرة على نطاق واسع.

وأكد تقرير صادر عن مجموعة روديوم البحثية أن الطاقة الحرارية الأرضية يمكن أن تلبي حتى 64% من نمو الطلب المتوقع على الكهرباء في أوائل ثلاثينيات القرن الحالي، شريطة استمرار الدعم السياسي والاقتصادي.

وأشار التقرير إلى أن صانعي السياسات، وشركات التكنولوجيا، ومطوري الطاقة الحرارية الأرضية بحاجة إلى التحرك بسرعة لتحقيق النمو المطلوب لمواكبة هذه الفرصة الكبيرة.

باختصار، الطاقة الحرارية الأرضية لم تعد خيارًا هامشيًا، بل أصبحت حجر الزاوية في خطط الولايات المتحدة لتأمين الطاقة لمراكز البيانات ودفع التحول نحو طاقة نظيفة ومستدامة.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى