الاقتصاديةالتكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي يغزو الجامعات..بين الابتكار الأكاديمي والتحديات المستقبلية

مع التطور السريع لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية، بدأت الجامعات حول العالم تشهد تحولًا جذريًا في أساليب التعلم والتعليم. أدوات مثل “شات جي بي تي” لم تعد مجرد مساعدات تقنية، بل أصبحت شركاء فعليين للطلاب في البحث والتحليل وكتابة المقالات المدعومة بالمصادر في ثوانٍ معدودة، ما يوفر عليهم الوقت والجهد، لكنه في الوقت نفسه يثير تساؤلات جدية حول تأثيرها على التعليم التقليدي.

أظهرت دراسة عالمية أن نحو 86% من طلاب الجامعات استخدموا الذكاء الاصطناعي بانتظام خلال عام 2024. وبحسب بحث داخلي لشركة “أوبن إيه آي”، فإن أكثر من ربع الطلبات المقدمة إلى “شات جي بي تي” في الولايات المتحدة كانت لأغراض تعليمية، ما يعكس مدى اعتماد الطلاب على هذه التقنية.

كشف تقرير شركة “كوبي ليكس – CopyLeaks” الذي شمل 1100 طالب أمريكي أن 90% منهم استخدموا الذكاء الاصطناعي في دراستهم الأكاديمية. كما أظهر استطلاع جامعة هارفارد أن 9 من كل 10 طلاب يعتمدون على هذه الأدوات لتحسين كتاباتهم وصقل أفكارهم، ما يعكس تحولًا ملموسًا في منهجية التعلم.

اتخذت بعض المؤسسات التعليمية خطوات استراتيجية لدمج الذكاء الاصطناعي في برامجها، مثل كلية هارفارد للأعمال التي تمنح طلاب ماجستير إدارة الأعمال حسابات على “شات جي بي تي – EDU”.

وفي جامعة أوهايو، سيخضع جميع الطلاب لدورات إلزامية في الذكاء الاصطناعي لضمان كفاءتهم التقنية عند التخرج، إلى جانب برامج تدريب لأعضاء هيئة التدريس لتعزيز مهاراتهم الرقمية.

في كلية “رولينز” للفنون الحرة بفلوريدا، يُستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء قصص تفاعلية ضمن مقررات البرمجة، مع التأكيد على أن الطلاب يضعون هيكل القصة والأحداث والتصميم البرمجي، ما يخلق توازنًا بين الإبداع البشري واستخدام التكنولوجيا، وفق الأستاذ المشارك دانيال مايرز.

رغم المزايا، يبدي بعض الأكاديميين قلقهم من الاعتماد المتزايد على أدوات يتحكم بها شركات كبرى، معتبرين أن ذلك قد يقلل من قيمة الشهادات الجامعية ويطرح تساؤلات أخلاقية وبيئية. ومن أبرز المخاطر التحايل، حيث يلجأ بعض الطلاب إلى برامج لإخفاء أثر استخدام الذكاء الاصطناعي في أعمالهم الأكاديمية.

لتقليل الاعتماد المفرط، يطلب أساتذة معهد نيويورك للتكنولوجيا من طلابهم تقديم أفكارهم شفويًا أمام الزملاء، وكشف المدخلات التي يستخدمونها مع أدوات الذكاء الاصطناعي عند تقديم المهام الأكاديمية، لضمان قياس فهم الطلاب بشكل حقيقي.

يخشى بعض أعضاء هيئة التدريس أن يؤدي الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي إلى تقليص أدوارهم، كما حدث في جامعة ولاية كاليفورنيا التي شهدت احتجاجات ضد تخفيضات الميزانية وتعزيز استخدام التقنية.

في المقابل، يرى خبراء التكنولوجيا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مساعدة للتعلم، مشابهة لظهور الآلات الحاسبة، ويمثل فرصة لتوسيع التعلم للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة أو الذين يواجهون صعوبات في القراءة والفهم.

الطلاب تبنوا الذكاء الاصطناعي بسرعة تفوق قدرة الجامعات على تنظيم استخدامه. والتحدي الأكبر أمام المؤسسات الأكاديمية هو إيجاد التوازن بين الاستفادة من التقنية لتعزيز التعلم، دون السماح بالاعتماد المفرط الذي قد يعيق تنمية مهارات الطلاب واستيعابهم الحقيقي للمواد الدراسية.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى