التحديات تعيق مسار المغرب نحو السيادة الطاقية رغم الطموحات الحكومية والرهانات الواعدة

يواجه المغرب، رغم الأهداف الطموحة للحكومة في مجال تحقيق السيادة الطاقية، العديد من الصعوبات التي تعرقل مسيرة الانتقال إلى الطاقات المتجددة.
هذه التحديات تثير نقاشات مستمرة داخل البرلمان وبين الخبراء والفاعلين الاقتصاديين، لا سيما في ظل ارتفاع تكاليف الاستثمارات، وتعقيد تعدد الجهات المسؤولة، وصعوبة ضمان استمرارية التمويلات في قطاعات حساسة كالغاز الطبيعي والهيدروجين الأخضر.
أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، خلال جلسة برلمانية، عدم وجود فشل حكومي في بلوغ أهداف السيادة الطاقية، لكنها لم تخفِ وجود عراقيل حقيقية تحول دون تقدم سلس لهذا المشروع الاستراتيجي.
وأشارت إلى استقبال الحكومة لعدد من الملاحظات والشكوك من المستثمرين، ما يعكس عدم اليقين حيال آليات الاستثمار، خصوصاً في قطاع الغاز الطبيعي.
وتطرقت الوزيرة إلى حجم التكاليف المرتفعة، مشيرة إلى أن بناء أنابيب الغاز التي تربط ميناء الناظور مع الأنبوب المغاربي الأوروبي، بالإضافة إلى المنطقة الصناعية بمحمدية والقنيطرة، يتطلب استثمارات تفوق 700 مليون دولار، ما يعكس ضخامة التحديات المالية والبنيوية.
واستعرضت الوزيرة تعدد المؤسسات الحكومية التي تنشط في هذا المشروع، حيث أوردت وجود أكثر من 23 جهة حكومية معنية، وهو ما يثير تساؤلات حول فاعلية التنسيق والإدارة بين هذه الهيئات، فضلاً عن التأثير المحتمل لذلك على جودة إنجاز المشروع وسرعته.
في المقابل، شددت بنعلي على النجاحات التي حققها المغرب في مجال الهيدروجين الأخضر، معتبرة المملكة نموذجًا رائدًا في هذا المجال.
وأعلنت طموح المغرب في رفع قدرة إنتاج الطاقات المتجددة إلى 20 جيغاواط، ما يمثل ضعف الطاقة المركبة الحالية. وأوضحت أن الموقع الجغرافي واللوجيستي والمزايا الصناعية تضع المغرب في مرتبة تسمح له بالمنافسة مع دول كبرى مثل السعودية.
وتشمل الخطط الحكومية إنشاء أول محطة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال في ميناء الناظور، مع توسيع شبكة أنابيب الغاز لتغطي المناطق الصناعية والمحطات الكهربائية الممتدة إلى القنيطرة والمحمدية.
مع ذلك، يبقى تحقيق الاستقلال الطاقي، خصوصاً في قطاع الغاز، مرتبطًا بعوامل خارجية، أهمها مدى التعاون مع الدول المصدرة.
وأوضحت الوزيرة أن المغرب أجرى مشاورات مع دول منظمة “أوبك” من أجل إبرام شراكات استراتيجية في مجال الغاز، في ظل بيئة دولية متقلبة بفعل الأزمات الجيوسياسية.
يبقى ملف السيادة الطاقية على رأس أولويات الحكومة المغربية، لكنه يتطلب استمرارية في الإصلاحات، تعزيز التنسيق بين الجهات المعنية، وضمان تمويل مستدام لمواجهة تحديات المستقبل بثبات وثقة.