الأكياس الهوائية.. الانفجار الصامت الذي يحمي الأرواح على الطريق

في ثوانٍ قليلة، يمكن أن تتحول رحلة عادية بالسيارة إلى مأساة، لكن هناك ابتكارات تفرض نفسها كحراس صامتين على الطريق.
و من بين هذه الابتكارات، الأكياس الهوائية أو الـ”Airbags”، التي تنتفخ خلال أجزاء من الثانية لتخفيف الصدمات وحماية الركاب، مؤكدًة أن أبسط التقنيات قد تصبح أعظم حماة الحياة.
كل حادث سيارة يخضع لقوانين الحركة والطاقة. أي جسم متحرك يمتلك طاقة حركية تعتمد على سرعته وكتلته، وكلما زادت، ازدادت قوة الاصطدام المحتملة.
عند توقف السيارة فجأة أو الاصطدام، تنتقل هذه الطاقة إلى مكان ما، وحتى مع وجود تصميمات تمتص الصدمات، يظل الركاب مهددين، لا سيما الرأس، الذي يستمر في الحركة وفق قانون نيوتن الأول، معرضًا للاصطدام بالعجلات أو الزجاج الأمامي.
تعتبر الأكياس الهوائية جزءًا من أنظمة الحماية التكميلية (SRS أو SIR)، وهي تدعم أحزمة الأمان دون استبدالها. عند تباطؤ السيارة فجأة، ينفجر الكيس ليشكل وسادة هوائية بين الركاب ولوحة القيادة أو المقعد الأمامي، ما يقلل قوة الاصطدام على الرأس والجسم ويزيد فرص النجاة.

أظهرت الدراسات بين 1985 و1993 أن الأكياس الهوائية خفّضت الوفيات بنسبة 23–24% في الاصطدامات الأمامية و16% في جميع الحوادث مقارنة بالسيارات المزودة فقط بأحزمة الأمان. وبالرغم من وجود مخاطر طفيفة للأطفال، مثل إصابات العين أو فقدان السمع، إلا أن هذه المخاطر ضئيلة مقابل حماية الأرواح.
و عند الاصطدام، يتباطأ جسم السيارة بسرعة كبيرة، ويقيس جهاز مستشعر التسارع التغير في السرعة. إذا تجاوز الحد المسموح، يُرسل تيار كهربائي إلى عنصر إشعال يشعل مادة كيميائية داخل الكيس، تولد غازًا سريع الانتشار (مثل النيتروجين أو الأرغون) لملء الوسادة المصنوعة من النايلون.
عند ارتطام الرأس بالوسادة، يخرج الغاز تدريجيًا من فتحات حول الحواف، لتفريغ الكيس بالكامل بحلول توقف السيارة، ما يقلل قوة الصدمة على الركاب.
يعود الفضل في اختراع الأكياس الهوائية في الولايات المتحدة إلى جون هيترك، الذي حصل على براءة اختراع عام 1953 بعد حادث كاد أن يودي بابنته. أما في أوروبا، فقد سبقه المبتكر الألماني فالتير ليندرر بعام واحد.
لاحقًا، ساهم مخترعون آخرون مثل ألين ك. بريد وتشارلز بيري مان وموريس ليسينغ في تطوير أنظمة الانفجار والتحكم، لتصبح الأكياس الهوائية عنصرًا أساسيًا للسلامة، مع تطوير نسخ جانبية وخلفية.
من الفكرة الأولى إلى الابتكارات الحديثة، أثبتت الأكياس الهوائية أنها أكثر من مجرد دعم للأحزمة؛ إنها درع حيوي ينقذ الأرواح. تجمع هذه التقنية بين الذكاء والبساطة، مع مراعاة علوم الفيزياء وسلوك الإنسان، لتؤكد أن الانفجار أحيانًا قد يكون حليفًا للإنسان أكثر من كونه تهديدًا.




