أسعار القهوة في أمريكا.. ارتفاع مستمر رغم تراجع الرسوم الجمركية

يواجه عشاق القهوة في الولايات المتحدة واقعًا مريرًا: فحتى بعد تراجع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن الرسوم الجمركية على واردات القهوة الشهر الماضي، لا يبدو أن تكلفة فنجان القهوة اليومي ستنخفض قريبًا.
فالرغم من أن الرسوم الجمركية التي فرضت خلال الصيف الماضي على واردات القهوة من كبار المنتجين مثل البرازيل أدت إلى ارتفاع أسعار حبوب القهوة الخام، فإن هذه التكاليف لم تنتقل بعد بالكامل إلى المستهلكين، بحسب وسطاء وتجار وخبراء في القطاع.
ويشير كريستوفر فيران، محلل مستقل لأسواق القهوة، إلى أن “الزيادات الحالية في أسعار التجزئة لا تعكس الرسوم الجمركية بقدر ما تعكس نقص الإمدادات في السوق خلال العام الماضي، والذي أدى إلى تضاعف أسعار الحبوب الخام حتى مارس الماضي”.
يؤكد خبراء السوق أن انتقال تكلفة حبوب القهوة الخام إلى المستهلك يستغرق عادة نحو تسعة أشهر، نتيجة فترات التحميص والمفاوضات التجارية. وهذا يعني أن أي انخفاض في الأسعار بعد إزالة الرسوم الجمركية قد لا يكون ملحوظًا قبل نهاية العام المقبل.
ويظل الأمريكيون، أكبر مستهلكي القهوة في العالم، مضطرين لمواجهة الأسعار المرتفعة لفترة ممتدة، فيما يواجه البيت الأبيض تحديًا في السيطرة على تضخم أسعار الغذاء قبل انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر 2026.
تراجع ترامب عن رسوم جمركية تراوحت بين 10% و41% على أكثر من 200 سلعة غذائية، بما في ذلك القهوة، جاء بعد ضغوط متزايدة نتيجة استياء الناخبين من ارتفاع تكاليف المعيشة. كما أُزيل رسم إضافي بنسبة 40% على واردات القهوة من البرازيل، التي توفر نحو ثلث احتياجات الولايات المتحدة من الحبوب.
إلا أن تأثير هذا القرار على أسعار التجزئة محدود. فأسعار الحبوب الخام تشكل نحو 40% من تكلفة الكيس النهائي للقهوة المحمصة، وقد ارتفعت بشدة العام الماضي بعد ثلاثة مواسم متتالية من العجز بسبب سوء الأحوال الجوية.
ويتوقع خبراء الصناعة فائضًا في إنتاج القهوة خلال الموسمين الحالي والمقبل، مما قد يخفف من أسعار الحبوب الخام تدريجيًا، لكن هذا التحسن سيستغرق وقتًا قبل أن ينعكس على رفوف المتاجر الأمريكية.
يشير ستيفن والتر توماس، الرئيس التنفيذي لشركة Lucatelli Coffee الأميركية، إلى أن “أسعار القهوة ترتفع أسرع مما تنخفض”، مشيرًا إلى أن انخفاض الأسعار بعد إزالة الرسوم الجمركية كان ضئيلًا جدًا.
ومع ذلك، ساهمت خطوة ترامب في إبطاء وتيرة زيادة الأسعار على المدى القريب. فقد أعلنت شركة J.M. Smucker، المالكة لعلامة Folgers، أنها لن ترفع الأسعار الشتوية بعد إزالة الرسوم، رغم أن أثر الرسوم الجمركية سيظل مكلفًا على ربحية الشركة.
وفي النهاية، يبقى المستهلك الأمريكي أمام واقع معقد: ارتفاع الأسعار مرتبط أساسًا بأسواق الحبوب الخام، بينما يختزل المستهلك التحدي في الرسوم الجمركية، دون إدراك أن السوق الإجمالي للحبوب هو العامل الأهم.




