أزمة الحليب في إسبانيا تفتح الباب أمام المغرب كمورد بديل

تعيش صناعة الحليب في إسبانيا أزمة غير مسبوقة، إذ تواجه الضيعات التقليدية صعوبات اقتصادية متصاعدة تهدد استمراريتها، وتضع قدرة البلاد على تأمين احتياجاتها الغذائية الأساسية في مأزق حقيقي.
وفي مؤشر جديد على عمق الأزمة، أعلن المغرب استعداده لتزويد السوق الإسبانية بحصة من الحليب، ما يسلط الضوء على هشاشة الإنتاج المحلي في قلب صناعة الألبان الإسبانية.
وتتركز المشاكل في منطقة غاليسيا، المعروفة تاريخيًا بأنها قلب الإنتاج الوطني. فقد انخفض عدد الضيعات هناك إلى النصف خلال العقد الأخير نتيجة اعتمادها على نموذج الإنتاج العائلي الصغير الذي أصبح عاجزًا عن مواجهة ارتفاع تكاليف الأعلاف والطاقة والأسمدة، إضافة إلى سياسات التسعير القاسية التي تفرضها شبكات التوزيع الكبرى، ما أدى إلى تراجع كبير في ربحية المزارع.
وتؤكد الجمعيات الفلاحية أن غياب الدعم العمومي الكافي، إلى جانب نقص البديل من الجيل الجديد من المزارعين، زاد من تفاقم الأزمة، ما دفع الجهات المعنية إلى اللجوء لاستيراد الحليب لسد الفجوة في السوق المحلية.
هذا القرار أثار غضب المزارعين الإسبان الذين يرون فيه تهديدًا لاستقلالية البلاد الغذائية وتقويضًا لسنوات من الخبرة والتجربة المحلية.
ومع استمرار إغلاق الضيعات وتراجع النشاط الاقتصادي في المناطق الريفية، يبرز المغرب كلاعب مهم قادر على تلبية جزء من الطلب الإسباني على الحليب، ليصبح موردًا استراتيجيًا لمادة غذائية أساسية كانت إسبانيا مكتفية ذاتيًا فيها لعقود.
وتسلط هذه التطورات الضوء على الهشاشة البنيوية للسياسات الزراعية الإسبانية، وتثير تساؤلات حول مدى قدرة أوروبا على الحفاظ على أمنها الغذائي إذا استمرت هذه الأزمة دون إجراءات إصلاحية عاجلة تعيد توازن قطاع الألبان.




