الاقتصادية

الصين تُعزّز قبضتها على اليوان لمواجهة ضغوط الدولار وتراجع العملات الآسيوية

واصلت الصين إحكام سيطرتها على سعر صرف اليوان عبر آلية التثبيت اليومي، في محاولة لتخفيف أثر الارتفاع المفاجئ للدولار الذي يهدد بتقويض ثقة المستثمرين في العملة الصينية المُدارة وباقي نظيراتها الآسيوية.

حدد بنك الشعب الصيني السعر المرجعي عند 7.1887 مقابل الدولار، وهو مستوى أقوى بفارق 1528 نقطة أساس مقارنةً بمتوسط التوقعات في مسح أجرته “بلومبرغ” لآراء المتداولين والمحللين.

هذه الفجوة، التي تُعد الأكبر منذ أبريل الماضي، تكشف عن رغبة صانعي السياسات في منع حدوث انخفاضات حادة في قيمة اليوان.

جاءت هذه الخطوة في وقت يشهد فيه الدولار ارتفاعاً قوياً مدعوماً بزيادة عوائد السندات الأميركية وبيانات اقتصادية إيجابية في الولايات المتحدة، مما دفع اليوان في الأسواق الخارجية إلى الاقتراب من أضعف مستوياته التاريخية.

وتأثرت العملات الآسيوية الأخرى مثل الوون الكوري، والبات التايلندي، والبيزو الفلبيني بالتطورات، حيث سجلت تراجعات ملحوظة.

وأشار ألفين تي. تان، رئيس استراتيجية تداول العملات في “آر بي سي كابيتال ماركتس” (RBC Capital Markets)، إلى أن “بنك الشعب الصيني يبدو مصمماً على دعم اليوان”، لافتاً إلى أن البنك المركزي يدعم العملة “ليس فقط من خلال التثبيت الداخلي، ولكن أيضاً من خلال رفع تكاليف التمويل في السوق الخارجية”.

ظل سعر اليوان في الأسواق الخارجية ثابتاً تقريباً عند 7.34 مقابل الدولار عقب تحديد السعر المرجعي، مما يعكس التزام السلطات الصينية بالحفاظ على استقرار العملة.

ومع ذلك، تواجه الصين تحديات مستمرة تتمثل في الحاجة إلى تحقيق توازن بين تيسير السياسات النقدية لدعم النمو الاقتصادي، والحفاظ على قوة اليوان لتجنب خروج رؤوس الأموال.

يُعتبر الفارق الكبير في أسعار الفائدة بين الصين والولايات المتحدة، والتعافي الاقتصادي البطيء، والضغوط التجارية عوامل رئيسية تُثقل كاهل العملة الصينية رغم دعم البنك المركزي.

وللتعامل مع هذه التحديات، لجأ بنك الشعب إلى آلية تثبيت السعر، التي تضع سقفاً لتحركات اليوان بنسبة 2% صعوداً أو هبوطاً في السوق المحلية. كما شهدت تكاليف اقتراض اليوان في هونغ كونغ ارتفاعاً ملحوظاً هذا الأسبوع، مما يُظهر استعداد البنك المركزي لاستخدام أدوات إضافية لتقليص السيولة وكبح الرهانات السلبية ضد العملة.

في مؤشر واضح على القلق الحكومي، أكد بنك الشعب الصيني خلال اجتماعه الأخير للسياسة النقدية التزامه بمواجهة السلوكيات التي تُزعزع استقرار السوق ومنع المضاربات أحادية الاتجاه.

وأعلنت وسائل الإعلام المحلية أن البنك يخطط لزيادة مزادات الأوراق المالية في هونغ كونغ لتعزيز استقرار السوق.

وأوضح وي خوند تشونغ، كبير استراتيجيي الأسواق في بنك “بي إن واي” (BNY)، أنه “رغم الجهود المبذولة، ما زلنا نرى مخاطر صعودية للدولار-اليوان. ومن المحتمل أن يُضطر بنك الشعب الصيني إلى زيادة تدخلاته اليومية قريباً لتعزيز الاستقرار”.

تسعى الصين من خلال هذه السياسات إلى الحفاظ على الثقة في اليوان واستقرار الأسواق المالية، وسط ضغوط اقتصادية وجيوسياسية متزايدة تهدد استقرار العملات في المنطقة الآسيوية.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى